مكالمة هاتفية من غائب / كتبت الأديبة / رنا محمد رصاص


مكالمة هاتفية من غائب
★★★★★★★
ككُلِّ يومٍ
في لحظات انجلاء الشفق
أنقمعُ وحيدةً
بمتاخمة مدفأتي الخشبية
على أريكتي الصوفية
أستدفئ بذكرياتي
أضمُّها إلى كنفي

و هي الرسائل المخططة
والأشكال المنحوتة بأنامله الذهبية
و الصور الرثّة
و الأثواب المغمّسة بعطر الحنين
أحدّق بها فهي ثروتي الثمينة
أعدُّ الساعات لبلوغ لحظة اللّقاء
فقد ارْمَقَّ طريق الفراق
تارة أبتسم ابتسامة عابرة
و تارة أذرف دموع الصّبابة
أتلفّظُ مع نفسي التائهة
كم هو العالم أهوج
أبتغي الإغاثة
أسائل عن عائلتي الأبابيد
و على حين غرّة 
رن هاتفي الأُرجواني
بعد سنين فراق
مكالمة أشعلت في حناياي
نار الاشتياق
أوقدت بركاناً ثائراً
كدتُ أن أنجح في إخماده 
كان أبي قائلا ها أنا يا بنيتي
حُرٌ طليق
من الأسر الجائر الغاشم
بانتظارك تحت جسر الوداع
ارتجف جسدي 
و اغرورقت عيناي بالدموع
فلم ينتابني حينها
إلا عاطفة مجهولة التفسير
ألقيتُ الهاتف من يدي 
و هرولتُ مبنّجة التفكير
لألتحف بمعطفي الأسود 
حملت مظلتي فكان المطر مدراراً
و قد طيّب الأجواء و أنعش الروح
كانت خطواتي تسابق بعضها
و عيناي تلتفت يميناً يساراً
وفي لحظة حائرة وقفت مكاني
تساءلت يا إلهي 
و أين هو جسر الوداع
سألت السابلة عن موقعه
وكانت الردود استغراباً
بحثت عن ذلك الجسر الضائع
معلنةً أني لن أخضع أبداً
في قبضة التوهان 
حتى بلغت اليأس 
و أضحت عبراتي و قطرات المطر 
مخلوطة من الجوى و الآهات
حتى فتحتُ عيني على رنين الأشياء
تتناثر في أرجاء الحجرة
فقد غفوت على تلك الأريكة 
بجوار تلك المدفأة
لأُحادث أبي بالأحلام
★★★★★★★★★★
بقلمرنا محمد رصاص
فلسطين

شارك الموضوع

شاهد أيضا

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات :

إرسال تعليق