اللقاء (قصة قصيرة) / كتب الأديب / حسين عبدالزهرة الزبيدي


اللقاء (قصة قصيرة)
في زمانٍ مرَّ من قديم الدهر كان فتى من الفتيانِ
كان حراً صافيَ الذهنِ يحملُ كثيرا من الاحزانِ
في لمحة منه رأى فتاةً تبتسم وهي تشيرُ اليه النظر
تعجبَ الفتى وظن نسجاً من الخيالِ كان الامر
دقَّ قلبٌ له بحنانِ واشتعل الحب في الاركانِ
كان في كل الايام بنظرةٍ خفيةٍ يرقب الفتاة
ويلاحظ علَّها كانت تبتسم بدون التفات
لكن المطلوب صار واخذت منه افكاره طول النهار
وتكرر المنظر مرة بعد اخرى ومن دون انتظار

وهكذا الفتى هام حباً بجمالٍ كل الليلٍ والنهار
وقضى الليالي ساهراً الى الصبح دون غفاء
حار صاحبنا بحاله الى من يشتكي ولمن يقول
وفي ليلة بعد العشاء قرر المفتونُ انه اليها سيقول
سيقولُ الحب لا خائفاً من حبيبٍ ولا من عذول
علَّه حلاً من غرام العشقِ يوماً سينالُ
لكنه عاد و للفكر طويلا جاله وهو العجولُ
من يقول تلك ضحكةٌ اليَّ كانت منها صدرت
لعلها هكذا ارادت او لم تُرِد , مَنْ يقولُ ؟
صارَ محتاراً فتانا من صحيحٍ ..
قلَّبَ الفكرَ عميقاً واستشارَ..
ثم أعاد القولَ مراراً : الصمتُ خيرٌ لو اذا شاع الخبر..
قرر الصمتَ اخيراً و ترقُّبَ ما يحصلُ بعد الانتظار
ظل كتمان الهوى منه طويلاً وانتظرْ
علّهُ يظفرُ يوماً بنبأٍ ممكن في يومٍ سعيد للبشر
طالت الايامُ على حاله قلبهُ دون الحبيب كالجمر
وفي يوم من تلك ايام الصمود كان يمشي وحيدا حائراً
فرأى ما منه الفؤاد أطار
وعليه ظل واجماً اياماً وكل النهار
وجد الحبَّ الذي طويلا لأجله قد سَهَرْ
جالساً مع العذولِ في جلسة سَمَرْ
وحالة العشقِ عليهم تخزي النظر
شبت به النيران فتانا ومات كمداً من القهر
وندبَ حظاً بائساً ياله من حظٍ عَثِرْ
ظلَّ اياماً عن الدرسِ في حالة غياب
لا يريد الاكل مهما منه كان شيئاً يستطاب
وكثر التبغُ وقلَّ من شرب الشراب
واعتراهُ الحزن وموجات اضطراب
وانزوى في عالم النسيان تقليباً للفِكِرْ
عله ينسى ما كان من محبوبه قد صدر
لكن الايام مرت على الفتى
وما بقي من المحبوب سوى ذاكَ الاثرْ
وفي يومٍ من بعد عشرٍ سنينَ كما يفتكر
وجد العاشقة الولهانة في يوم ِ سفر
سأل المنسيُ عنها وعن حبيبٍ العمر
قالت له قد مضى ذاك الحبيبُ بلا اثر
وزواجٌ حصل من بعد انقضاء العمر
عندها تكلمَ المسكينُ بما في الصدر
واخبرها عن حبٍ قديمٍ ظل طيُّ الفكر
حارت المسكينةُ مما قال لها في الخبر
وجلست على الكرسي اذ يالَهُ من أمر
خاطبته بقولٍ : اين كنت يا نور العمر؟
لمَ منكَ لم يصدر كلامٌ بهذا القَدَرْ
لو صارحتني بشيٍ لما كان ما جرى بهِ القَدَرْ
لكن محال حالنا يجتمعُ بعد هذا السفر
ودع المحبوب حبيبا ً لم يستطع له قولا
غير قولٍ :اتمنى لكَ ان تكون سعيدا يا اغلى البشر
عاد فتانا عابساً وياليته لم يكن منه هذا السفر
وطوى كشحاً على آهاتٍ ليس لها من مستقر

 
د.حسين عبدالزهرة الزبيدي –العراق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق