سقوط روما / كتب الشاعر / عبد الجبار الفياض



    سقوط روما
     (
    إلى . . . . . وللتاريخ مزابل )
    أَي
    ماركوس*
    مِلْأَ أروقةِ روما 
    تهزمُكَ المرآةُ هذهِ المرّة . . .
    آخرُ ساحاتِ قتالِكَ سريرٌ بائسٌ
    من غيرِ سلاحٍ
    طُعنتَ فيه
    سوداء لم يمحها نهرُ التيبر 
    لعلّها قاضيةٌ 
    كانتْ !
    ظهرُ بعيرٍ
    قُصِم
    السّكاكينُ 
    تُمزّقُ ذبيحاً من صنعِ يدِه . . .
    . . . . .



    ليلٌ بَطين
    تزدحمُ فيهِ عيونٌ اللّصوص . . .
    العَتمةُ عَماءٌ لا يُنجبُ إلاّ لوناً واحداً
    يُعرفُ
    ولا يُعرفُ . . .
    نهارٌ 
    هَزُلَ حتى بانَ نخاعُ عظمِه
    ناعوراً 
    يدورُ مِنْ غيرِ دِلاء
    سرقوا عيونَه . . .
    الشّمسُ تحزمُ حقائبَها المثقوبةَ 
    يتبعُها ظلٌّ مهزوم !
    . . . . .
    داخلٌ
    مُتسخٌ بقبحٍ 
    لا تُزيّنُهُ حِنْكةُ عطارٍ 
    سئمتْ أصابعُهُ ما خَلَط . . .
    تتشظّى مراياه
    فلا بتمامِها صورة . . .
    يذوي ببطئ
    ما ظهرَ 
    لا يعني أخضرُهُ شيئاً . . .
     
    قلبٌ 
    يرفضُ أنْ يتوقًف
    صُراخُ الموْتِ لا يعلو شَفتيْه . . .
    الجميعُ ثملٌ 
    برغبةٍ شوهاء دونَها الطّوفان . . .
    ماذا تُخلّفُ بعدَها الثّعالب ؟
    . . . . .
    زهورٌ 
    تعومُ على سطحٍ آسن
    بينَ نَزَقٍ
    وبقايا حكمةٍ 
    ديستْ تحتَ حوافرِ خيولٍ ناكسة. . .
    رَقْعٌ 
    يتّسعُ
    الرّاقعُ 
    أضاعَ الأبرةَ في كومةِ قَش 
    فلا لومَ إنْ قَرَضَ إصبعَه. . .
    . . . . .
    مزادٌ
    كُلُّ شئٍ في العراء 
    عملةٌ لا تُرى 
    لا تُلمَس
    الذّهبُ يتحدثُ صامتاً
    ملاعقُه على مائدةِ القيْصر
    ولو جفَّ ضَرْع 
    مضغتْ أفواهٌ روثَ ماشية . . .
    تشابهَ البقرُ
    تشابكتِ القرون
    قُبحٌ 
    تخثّرَ على وجوهٍ 
    تثأللتِّ برغباتٍ حجبَها سوطٌ ومقصلة . . .
    فضلاتُ التاريخِ 
    يحرقُها زفيرُ اللّعنات !
    أبوابُ المواخيرِ تلمعُ في الظلمة . . .
    للرّيحِ أنْ تدخلَ آنَ تشاء 
    من أيْ باب 
    رُبما يكونُ لجهنمَ بابٌ لا يٌغلق وزبانية لا يعرفون الرِشوة !
    . . . . .
    أي
    ماركوس
    الكرةُ حينَ تتدحرجُ تنقشُ حروفاً متشابهة . . .
    تغيّرتِ الاسماءُ في رقعةِ الشطرنج
    تسافلتْ لأعلى سُلم السّقوط . . .
    ليسَ لكَ أنْ تسألَ عن القلعةِ والوزير فتلكَ 
    أكلَ مصاريعَها الجُرذ . . .
    وذاكَ 
    يسبحُ على ظهرِ حوت . . .
    الجنودُ 
    ينامُ في جروحِهم الشّتاء 
    يشمّون الموتَ بمناخيرِ خيولِهم 
    لم يعُدِ السّيفُ قادراً على قَطْعِ جَزْرَة !
    ماركوس
    هو الغروب
    ممالكُ الذًباب
    دنا ما بَعُد 
    يا لثوانٍ تلوي رقابَ سنين . . .
    لكنَّ الموتى لا يشعرون بخوف . . .
    المقابرُ 
    لنْ تبوحَ بسرٍّ
    لكنَّها لا تمسكُ بنتنِ الرّوائح !!
    . . . . .
    عبد الجبار الفياض
     12/12/2016
    *

    ماركوس اوريليوس انطونينوس الامبراطور الروماني السادس عشر (161 - 180) وخامس الأباطرة الأنطونيين الرومان ، كما أنه يعتبر من أهم الفلاسفة الرواقيين.
    "تأملات ماركوس اوريليوس التي كتبت في حملته بين 170-180، ما زالت تعتبر أحد الصروح الادبية في الحكم والإدارة.


    ليست هناك تعليقات:

    إرسال تعليق