رِثاءٌ وَعِرْفان ( بَكى اليَمامُ) قصيدة للشاعر / محمد منعس العجرمي

{رِثاءٌ وَعِرْفان}.

[المناسبة]: الأُسْتاذُ {محمد جبر}: أستاذٌ كَفيفٌ قَضى عُمُرَهُ التَّعْليمِيَّ كَمُدَرِّسٍ في المَدْرَسَةِ العَلائِيَّةِ وَكانَ إلى جانِبِ زُمَلائهِ مِنَ المُمَيَّزينَ في العَطاءِ والقُدْرَةِ على تَحْفيزِ الطّالِبِ وَدَفْعِهِ للتَّحْصيلِ وَزُمَلائي ومن دون أدنى شَكّ يُؤَيِّدونني، قضى أمر الله عز وجل بأن يُغَيِّبَ المَوْتُ زَوْجَتَهُ بَعْدَ عِشْرَةٍ لا تَقِلُّ عَنِ الخَمْسَةِ عُقود. تَغَمَّدَها الله بِواسِعِ رَحْمَتِهِ وَأَسْكَنَها فَسيحَ الجِنان، وَأَلْهَمَ الله أُسْتاذَنا الذي نُجِلُّ وَنَحْتَرِمُ مِن بَعْدِها الصَّبْرَ والسُّلْوان.


بَكى اليَمامُ وَسالَ الدَّمْعُ وانْهَمَرَ.
مِنَ العُيونِ وَعَمَّ الحُزْنُ وانْتَشَرَ.
إن غَيَّبَ المَوْتُ بَعْضًا مِن أَحِبَّتِنا.
فقد طَوى لَكَ قَلْبًا كُنْتَ مِنْهُ تَرى.
بَكى الفُؤادُ وَماتَ الحَرْفُ في شَفَتِي.
بَكى عَزيزًا عَلَيْنا آثَرَ السَّفَرَ.
وَأَبَّنَ اللَيْلُ مِنّا فارِسًا وَمَضَت.
عَيْناهُ كالبَرْقِ جابَ الكَوْنَ وانْحَسَرَ.
بِكُلِّ نُجومِهِ واخْتارَ مُنْعَطَفًا.
وانْساقَ خَلْفَ التِّلالِ السّودِ واسْتَتَرَ.
وقد تَكَتَّمَ بالأَسْرارِ واخْتَبَأَت.
أَسْرارُهُ في ظَلامٍ شَيَّعَ القَمَرَ.
يَأْبى عَلَيْنا وَنَأْبى أَن نُشاطِرَهُ.
لَكِنَّ آثارَهُ قد أَحْدَثَت ضَرَرَ.
في القَلْبِ وانْدَسَّتِ الآهاتُ وافْتَرَشَت.
مَرارَةً لِفِراقٍ عَمَّقَ الأَثَرَ.
بالأَمْسِ أَوْلاكَ حُكْمُ الله تَجْرُبَةً.
ولا يُرَدُّ قَضاءُ الله إنْ حَضَرَ.
وَلَو بِصَبْرٍ جَميلٍ يُسْتَعانُ بِهِ.
عِنْدَ المُلِمّاتِ والعُقْبى لِمَن صَبَرَ.
وقد فُجِعْنا بِما أَعْيا مَسامِعَنا.
كَما فُجِعْتُم بِمَن قد واجَهَ القَدَرَ.
أُسْتاذَنا أَنْتَ نَهْرٌ ماؤُهُ هِبَةٌ.
مِن فَيْضِ ما أَكْرَمَ الرَّحْمَنُ أو نَثَرَ.
على بَصيرَتِكُم إذْ فاضَ وابِلُهَا.
وقد سَقى الضَّرْعَ والإنْسانَ والحَجَرَ.
لَمَّا حُرِمْتَ مِنَ الإبْصارِ في غَلَسٍ.
مِنَ الدُّجى وَسُلِبْتَ العَيْنَ والنَّظَرَ.
أَنْفَقْتَ وَقْتَكَ ما بَيْنَ الدُّروسِ وَما.
بَيْنَ القِراءَةِ واسْتَحْضَرْتَها دُرَرَا.
لِكَيْ تَغوصَ بِبَحْرِ العِلْمِ مُنْفَرِدًا.
وَتَمْنَحَ الآخَرينَ النّورَ والبَصَرَ.
يا رائدًا تَرْبَوِيًّا كُنْتَ قُدْوَتَنا.
وَما تَزالُ لِأَنْغامِ الهُدى وَتَرَا.
_______________

[{محمد منعس العجرمي أبو يسار}].ولمن لا يعرف المدرسة العلائية فهي أول مدرسة للمكفوفين في الشرق الأوسط وهي قامت على نفقة المملكة الأردنية الهاشمية وكان مقرها في مدينة رام الله، بعد أن انتقلت من مدينة الخليل وأخيرا لمدينة بيت لحم، لتنتهي بعد 74 سنة من العطاء المتميز.

شارك الموضوع

شاهد أيضا

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات :

إرسال تعليق