ليتَني ظل / كتب الشاعر / طارق ميلم

ليتَني ظل
"قِفْ .. قَد بُعثتَ كَاتباً وشَمعاً وليِالٍ مُقدسة"
وأنتَ تسابقُ نفسكَ ، بَحثاً عنكَ ، عن ظلٍ يُنيرُ عَتمتك ، عن طيف يُطفئ عَطشَ اشتياقك
"
فلا تَجدهُ
ولا يَجدكَ"

لا . لأنكَ غَيرُ مرئي ، بلّ لأنَ دَورك لم يَحن بَعد ..
والآن .. مُنتصفُ اللحَظة ، مُنتصفُ زَمانِكَ وخَيالكَ الفُضي ، منتصفُ كل شيء.
قَد أُخبرتَ مِن قَبل ، أن مَنفاكَ الحَقيقي هو ابتِعادكُ عَنك ، عن اللاشيء حَولك ،
ثمَ أنتَ وحدكَ من خَلقَ ذلكَ البُعد ، ووحدكَ من يَفتقدهُ..
_
حَسناً .. كَم تَبعُد الآن .؟
_
ما يَكفي لأن تَموت بِهدوءٍ على رصيفٍ فرنسي ، تَحتَ أقدامِ المارة المُعطرة بِغيابكَ
_
إذاً .. أنتَ الآن قد عَبرتَ جُبَّ نفسُكَ
_
قَدْ أصبحتُ يوسف ، دونَ أيّ قَميص .!!
_
وهل سَتعثُر عليكَ .؟
_
كُتبَ على الأنبياء الضَياعُ دائماً ، وأنا نَبيُكم الكاذبُ ،ثمَ أنتم من قالَ أن الأنبياء كانوا ضِياعَ ، إلى أن هَداهمُ الله.
_
أظنُ أنكَ مازلتَ مُشيّعاً نفسكَ ، تَنتظرُ الهداية .!!
_
أنا عالق هنا .. أطوفُ ، مقيداً بقشرتي الدنيوية ، وَلسبب ما أشعرُ أنَ القيدَ يتحرّر ، يَطوفُ بيّ ، لأقعَ في هاوية مظلمة ، أكثر مما تخيلتُ يوماً ، حيثُ الفراغ ..!!
أشعرُ بقوة تزدادُ بوتيرة مختلفة ..
نعم. قَد يكونُ استقباليّ العظيم ، قَد تكونُ الهِداية ..!!
رباه. ما أجملَ أنَ تكونَ مُقدساً
أن تُعيد تَمزيقَ التاريخ حَرفاً حَرفاً ، أنَ تحذفُ فِصول ، وتُضيفُ آخرى ، أنَ تَكونَ كلماتُكَ لا نَقدَ لها ..
يَقولون:
_
والآن .. وَقد عُلمتَ الأسماءَ كلها ، إلّا أنكَ مازلتَ تَتقلبُ في فَوضاك ، يَبدو أنَ قِصتك تتقَمصُ دورَ عَجوز في الخامسة والعشرين من عُمرها ، تَعتصرُ حِكايات الليل الطَويل ، فَلا تَجد ما تَقرأهُ لمساماتِ جَسدك المُهدم ..
ثمَ. هل عَثرتَ عليك .؟
_
بلّ ابتعدتُ أكثرَ من ذلك .. ابتعدتُ حَدَ ابتلاع مِلحي ، حَد أن أكونَ حراً كما الموتى ، حَد غَرقي بِبحر ظِلي ، حَد أنَ أغرسَ حُلمي بينَ ضِلعي الزمن ، وأقف مُنتَظراً العدم.
13.Oct.2016
طارق ميلم.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق