رقصة النملة / كتب الشاعر / وليد العايش


( رقصة النملة )
------------
أيها الكلام انتظر 
فإني مازلت لم إنه حديثي 
قلت قليلا عن جبيني 
عما اقترفت فيا السنين 
مقهاي الذي كنت أناظره
مساء كل يوم ...
يقبع خلف تربة جثتي 
يئن من تحت الثرى 
يفتش بين كراسيه 
عن فتى أشعث العقل 
قبل الشعر ... 

حدقتاه ترمقان المارة 
من وراء دخان سيجارة 
معتقة الجوانح ...
يرتمي في حضني كما 
طفل عائد إلى وطن مهاجر 
ذلك الفنجان يبتسم 
على صورة أنثى 
في جريدة عمياء 
تؤمن بمقولة الأنثى الجميلة 
على الصفحة الأخيرة
مازلت لم أخبرك 
بأن دفاتري عشرة 
وأصابعي عشرة 
ورقم قميصي عشرة 
وأولادي من زوجتي الأولى
عشرة على عشرة ...
وأني كما صفصافة بيتي 
أرقص كل ليلة 
رقصة النملة 
يضاجعني الكرى 
وهمس أمي ...
صوتي يئز كما النحلة 
لعبة النرد التي خسرتها 
ليلة الأحد ...
مازالت تمطر كضجيج روحي 
تبكيني كما أنثى 
تاهت على أرصفة الشرف الأخير 
في زمن لم يعد يحصي
كم مضى ... وكم بقي 
في جيبه الأخرق 
من قشور السنديان ...
كما يعتلي صدارة المجلس
ذلك الأشعث ... الأحمق 
زقاق شفتاي يصرخ 
في شريان حياة واحد 
لم يبلغ العشرة ...
أزيز حنجرتي يردد بعض الصدى 
تاه المدى ... من دربه 
ضاع الفتى ... في صمته 
ماذا تبقى من أثر 
هل مات في البحر النظر 
قلت قليلا انتظر 
فإنني أؤكد من منبري 
من فوق جثة مقهاي 
النحيل القامة ...
بأن الردى لا يؤلم 
كما رجع الصدى 
فهلا أحصيت العدد 
أم أن غيث حسابك 
مازال في دار الحضانة 
قلمي تبعثر في سراب 
ولحيتي البيضاء 
ضاجعها الضباب ...
وصرير موال كنت أردده 
عند دخول الفجر في رحم النهار 
لم يعد ... ذهب ولم يعد 
أيها الكلام انتظر ...
مازلت لم إنه حديثي 
مذياع قلبي مترع 
بعيدان قش ...
وحزمة من حطب 
أعلم أن الجاهلية 
ما تلاشت ...
برحيل أبي لهب 
قرأت تاريخ الغزاة 
الغزاة كلهم ... فلم أجد 
تاريخك بينهم 
هل فررت من سطوة التاريخ 
يا للجنون ... يا للعجب 
كيف يفر الكلام 
من فوق ألسنة اللهب 
والذئب الذي عاندته 
من خلف نافذتي 
فر ولم يصب ... فريسته
وأنا الوحيد الذي تغلغل 
إلى بحر وهن ... تعب 
أيها الكلام انتظر 
فإني مازلت أحزم جعبتي 
وربما ... بعدما أنهي حديثي 
ترتاح جثتك مني للأبد ...
لن يبقى في الدار أحد ... أو لا أحد
----------------
وليد.ع.العايش
25/1/20166
م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق