أنــا لا أعرفنـي / بقلم الشاعر / شحادة الجنيد


(( أنــا لا أعرفنـي ))
__________________

قرويتي الحزينة 
على متن قلبي الضائع
مُذ أشرعتُ بلا عناوين باكرًا 
و أشعرت
كُلُّ من مرَّ بشوارع قصائدي
الداكنة .. بعدك
و سكن إحداها لاجئًا


جثا على أعتابها منهكًا و بكى
حتّى استفاق خريفٌ طاعن بالسن
من عينيه الواسعتين بالألم
و تساقط عمره ملحًا 
لينبت جراحًا عصية بميلاد عصيب
و ما كان مني غير أن أكتبها
بزبد أصابعي المحشوة بالآهات

و أئنُّ بدخانٍ من مدن أعماقي
المحطّمة .. كنحن
ثُم أمضي بسعالي المزمن
إلى ظمأ المجهول لا أعرفني ..
عن ماذا تبحثين 
في ركام صدري اليابس الآن ؟
عن وردةٍ قضمها الرحيل العنيد
دون أن يمهلني بضعة دموع 

أبحر فوقها نحو المنافي 
المكتظة بالآثام و الضجر
و لا تتجشَّأُ سوى العفن !
أم عن قبلةٍ 
حاوطنا عبير الطفولة بها
حين تعانقت شفاهنا 
كنهدين ناما من التعب

بعد طول انتشاء 
و استولتنا الحروب ..
لا شيء يعرفني الآن 
معقوف الظهر و الأقدام
أو تاريخ يناديني من خلفي أرنو إليه
كي أستدير و أشهق 
كحضن أمي 
فوحل الأيام أمامي 
يمتد كالليل
و يلهث موجه جائعًا إليّ ..
بأيِّ العذابين أقبل

و النار بينهما لحمُ أمةٍ زيتها
لم تزل تقتل
إني أشتاق لمقعدٍ مهجور
لذكريات المشردين القدامى عليه 
أمثالي
نأكل سوية رغيف أحلامنا المأجور 
كما كنا
و ننزوي بعدها 
كالأرامل مصابين بالموت 
فنحنُ لسنا ولاة مستقبل
و لا نصلح أن نكون إسفلتًا 

لأحذية العابرين
فأينما وليتُ وجهي
تورطت بالغياب
و بجوفه الأسود 
يتخثر المئات تلو المئات 
منتظرين أن أكون شاعرهم
وأنا امتلأت بمقابر الراحلين 
ليوم الميعاد ..
___________________
شحادة الجنيد ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق