نشد الرحال إلى مدينة أخرى و نسافر معا نحو الحضارة والتاريخ لنعانق
العراقة والجمال
هي مدينة السحر والشعر, أوصافها جنة خلد راضية فكل
الشموع فيها تحب وتعرف كيف تحب و كيف تعيش
على أبواب مدينتنا لمع نور أضاء قلب بولس فأضحى رسول الأمم
لم أجد أبلغ من قصيدة محمود درويش لترافقنا في هذه الرحلة
هي واحد من أقدم المدن المأهولة في عالم التاريخ و أعرق مدائن الدنيا الخالدة إلى اليوم
على أبواب مدينتنا لمع نور أضاء قلب بولس فأضحى رسول الأمم
لم أجد أبلغ من قصيدة محمود درويش لترافقنا في هذه الرحلة
هي واحد من أقدم المدن المأهولة في عالم التاريخ و أعرق مدائن الدنيا الخالدة إلى اليوم
تقع هذه المدينة في السهل الجنوبي الشرقي لسلسة جبال لبنان الشرقية وتمتد أطرافها الى شبه الجزيرة العربية و بلاد ما بين النهرين
ويعتقد المؤرخون أن تواجدها يرجع الى الألف السادس قبل الميلاد و ربما أقدم من ذلك
وقد أطلق عليها عبر العصور العديد من الأسماء منها (تماكوس -تامشق- تاماشقو - دومشقا -و دمشقا )وقد وردت هذه الأسماء في مكتشفات تل العمارنة
وتم ذكرها كذلك في كتابات البابليين وأطلق عليها الأشوريين إسم (شا - ايميري - و شو )
وقد عرفت من قبل الكلدانيين و الاراميين باسم شام كما عرفت في عهد مملكة دمشق الارامية (ديماشقي )وقيل بانها "تمشق "وأطلق عليها اأيضا إسم درمسوق او درمسق وقد قيل أنها مشتقة من ادم اي الارض و سمق اي الأحمر باللغة السريانية او من دم شقاي شرب الدم ويعني هنا دم هابيل
لأن الأرض شربت دم هابيل عندما قتل على يد أخوه قابيل
وقد لقبها الرومان بعين الشرق كله و سماها العرب (دمشق - جلق - الفيحاء- جيرون )
ومن تسمياتها كذلك (ارم نات - العماد- مدينة اليعازر - حاضرة الروم -حصن الشام -فسطاط المسلمين - باب الكعبة - بيت رامون - و العذراء )
وقد ذكر الباحثون الغربيون أن كلمة دمشق ترجع إلى الأوصول الكلدانية أو السريانية القديمة و حجتهم في ذلك ووجود الكلمة بالهيروغليفية في أثار تل العمارنة (تماسكو - دمشقا)و تعني الأرض الزاهرة أو الحديقة الغناء
وقد ورد في كتاب معجم البلدان لياقوت الحمودي أنها سميت بهذا الإسم نسبة إلى بانيها دماشق بن قاني بن مالك بن أرفخشدبن سام بن نوح و في رواية أخرى ذكر أن العازر غلام إبراهيم عليه السلام هو من بنى دمشق وكان حبشيا وهبه له نمرود بن كنعان حين خرج من النار وكان هذا الغلام يسمى دمشق فأطلق عليها إسمه و قد ورد إسم العازر في التوراة بإسم العازر الدمشقي
كما ذكر إبن عساكر في كتابه تاريخ مدينة دمشق المجلد الأول أن أول ما وضع على وجه الأرض بعد الطوفان هو حائط حران و دمشق ثم بابل
وقد سكنت عبر العصور من قبل الآموريين و الكنعانيين في الألف الثالثة ومن أشهر ملوكها الكنعانيين (بيرايوزا )
وفي في أواخر الألف الثاني قبل الميلاد سكنها الآراميون وأسسوا فيها مملكة دمشق الآرامية ومن ملوكها (حزائيل - عاشرتا - ازيرو )وقد ذكروا في النصوص المصرية القديمة
ومما زاد في اهمية المدينة في عهد هذه المملكة من الناحية الدينية تشييد معبد الإله السوري القديم حدد وهو رب الأمطار والصواعق والجبال العالية
وفي الألف الأولى قبل الميلاد ذاعت شهرة هذا المعبد وأصبح يعد من أعظم المعابد السورية الوثنية أنذاك
وقد تعرضت المدينة سنة 1480ق م للإجتياح من طرف فرعون مصر تحوتمس الثالث
كما خضعت المدينة للنفوذ الأشوري أيام الملك تيعلات بيلاسر الأول
و في حوالى سنة 850ق م إسترجعها الآراميون وقد حاول الأشورييين إحتلالها بعد سنة ولكنهم لم يتمكنوا من ذلك إلا في عهد الأشوري شلمنصر الثالث
حيث أصبحت هذه المدينة الحاضرة جزءا من مملكة أشور سنة 732 ق م
وفي عهد نبوخذنصر البابلي إنتزعت من إيدي الأشوريين وبقيت بيد البابليين حتى القرن السادس قبل الميلاد ثم أحتلت من قبل الفرس و ظلت تحت سيطرتهم حتى فتحها الإسكندر المقدوني سنة 333ق م
و بقيت المدينة تتنقل في عهد خلفائه بين السلوقيين والبطالمة في مصر
و ظلت محتلة حتى سنة 85 ق م حيث إستطاع الأنباط السيطرة عليها في عهد ملكهم الحارث الثالث ولم تستمر فترة حكمه كثيرا فقد أعادها السلوقيين و بقيت تحت سيطرتهم حتى أحتلها الرومان سنة 64 ق م و في عهد الإمبراطورية الرومانية تم تحويل معبد الإله حدد إلى معبد الإله جوبيتير الدمشقي وقد حظى هذا المعبد بشهرة عظيمة نالت دمشق من خلالها لقب دمشق الجميلة والمقدسة
وأصبحت حاضرة من حواضر الإمبراطورية الرومانية في عهد الإمبراطور هادريان
وفي بداية الفترة الميلادية سيطر عليها الأنباط و بقوا فيها حتى إستردها الروماني نيرون والذي حكمها ما بين 54- 68م و في سنة 395م سيطرت عليها الإمبراطورية البيزنطية وقد بنيت فيها سنة 379م كنيسة القديس يوحنا المعمدان مكان معبد جوبيتير الدمشقي على يد الإمبراطور نيودوز
وكانت المدينة حينها موطنا لبعض مشاهير الادباء المسحيين أمثال سموزون و يوحنا الدمشقي و أندراوس
وقد تم غزوها من قبل الفرس سنة 612م حتى مجىء القائد البيزنطي هرقل حوالي سنة 627 او 629م فأخرجهم منها وبقيت تحت حكمهم حتى مجىء المسلمين سنة 634م حيث تم فتحه على يد أبو عبيد بن الجراح و خالد بن الوليد و ذلك في معركة اليرموك
وفي سنة 661م أصبحت دمشق عاصمة للخلافة الأموية على يد العباسيين
وقد سيطر عليها الطولونيون سنة 877 م ثم الأخشيديون سنة 941م و بعد قيام الدولة الحمدانية في حلب سيطر سيف الدولة الحمداني على المدينة و بقيت تحت حكمه حتى حصل إتفاق بين الأخشيديين و الحمدانيين على إعادتها للسيطرة الإخشيدية مقابل ترك حلب وحمص و أنطاكية للحمدانيين
و قد تمت محاصرتها من قبل الصلبيين في سنة 1126 م-1148م ولم يتمكنوا من فتحها
وفي سنة 1159م إستولى عليها نور الدين محمود بن زنكي الملقب بالشهيد فتم تاسيس الدولة النورية
وقد إستولى عليها صلاح الدين الأيوبي سنة 1174م جاعلا منها عاصمة للدولة الأيوبية حتى سنة 1260 م ثم تم إحتلالها من قبل المغول على يد هولاكو وبعد عام رحل عنها اثر معركة جالوت وخضعت حينها للمماليك حتى سنة 1299م ثم عاد المغول للسيطرة عليها مرة أخرى ولن يبقوا فيها إلا 100يوم وقد كرر المغول سنة 1401غارتهم عليها بقيادة تيمورلنك و قضى فيها قرابة 80يوم وقد عادت إلى سلطة المماليك
وفي سنة 1516م أحتلت من قبل العثمانيين بقيادة السلطان سليم الأول بعد معركة مرج دايق و مكثوا فيها 400سنة
وقد إحتلها محمد باشا والى مصر لدى العثمانيين عندما أرسل إبنه إبراهيم باشا سنة 1832م و بقي فيها الى سنة 1840م
و بعد إخراج العثمانيين من دمشق على يد القوات العربية بقيادة الأمير فيصل بن الشريف حسين إبن علي تم تاسيس المملكة السورية وقد كانت عاصمتها دمشق وذلك في الثامن من آذار سنة 1920م
ولكن الإتفقيات التي أبرمت بين فرنسا وأنكلترا وخاصة إتفاقية سايكس بيكو سنة 1916م جعلت المنطقة تحت السيطرة الفرنسية حيث فرض الإنتداب الفرنسي على سوريا بموجب مقررات مؤتمر تمرسان ريمو فدخلت الجيوش الفرنسية بعد معركة ميسلون والتي إستبسل فيها الجيش العربي بقيادة يوسف العظمة وبقي الإحتلال الى سنة 1946م حتى تم الجلاء في 17نيسان
كانت هده اصدقائي الأعزاء رحلتنا مع مدينة وتاريخ من مدينة دمشق
إلى أن نلتقي مع مدينة أخرى وتاريخ أخر لكم مني أنا سهام
محمد ألف تحية وسلام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق