الــــرســـالة
الأخيـــرة
كان الظلام يلف الكـون في غطاء اسود حالك .. ظلام خانق .. كانت ليلة من
ليالي الشتاء الشديـد البـرد .. ليلة عاصفة .. غطت السحب صفحة السماء
فحجبتها وطمـسـت ضـياء نجـومها الشاحبة .. احسست بالأرض تميد تحت
قدمي .. شعرت بجسمي كله يذوب .. ذوبان .. كذوبان الليل في ليلة مقمرة
وراودتني فكرة ..وأمنية .. وللحق جنـونيـتان .. فكرت في أن أحلق في سماء
الليل بجناحين عظيمـيـن .. وتـمنـيـت .. لـو صـار جسدي كالخيال يخترق كل
الجدران دون أن يراني أحـد .. لاشـك أنه نـوع مـن الجنـون .. ولكـن ماذا أفعل
لقد تقدمت بي السن .. وربما هـذا نــوع من الـهـذيان .. ولكني لم أنتبه إلي
ذلك لم أشعر قط أن السن تقدمت بي برغم أنني تخطيت الستين من عمري
ببضعة سنـوات .. ودارت رأسي .. دوار صاخب .. أذاب جمود حياتي ..احلامي
أمنياتي المنسية التي أسدل عليها الزمان ستار النسيان .. وازدحمت رأسي
بـصـور المـاضي كأنـها شـريـط سينمائي يمر أما عيني سرعان ما توقف عند
الصورة .. نفس الصورة .. المـحفورة داخل كياني .. انها صورة .. نوره ..حبيبتي
حبي الأول والأخير .. وهي .. واقـفـة هـنـاك تحت ظل
شـجـرة الحـب والحياة
وأنا معها .. أنفاسها تلفح وجهي بعـطـر حنانها .. والـهـواء .. يـداعب خـصـلات
شـعـرها الناعم .. المسترسـل ..فـتـطيـر وتلامـس وجهي كـأنامل طفل صغير
مازال في المهد صبيا .. رأيتها تـرمقني بنـظـرات حارة .. حائـرة ..وفي عينيها
بريق حزن مدفون لامع يشع من نـظـراتـها .. ورن صـوتـها في أذني .. أريد أن
أشرب .. أريد أن أرتوي .. وامتلأت نفسي مرارة .. لـقـد حطـمـت أنا السعادة
دفنت الآمال في قـبـر الـزمان .. انه أنا .. الظـالـم .. الجلـاد .. آهٍ .. هــو أنا ..
وهي كانت شـيـئا آخـر .. غـيـري أنا .. كانت حقيقة رقيقة .. مثقفة ..مرهفة
الحس .. شخصية آسرة تبعث في النـفـس ضـوء غـريب .. مـسحـور ..مـموج
بأمواج حارة دافئة من الحب .. آهٍ .. هو الحب .. الذي عـشـته .. ونـوره .. في
قصة لم يرويها كتاب شهر زاد في قصـص الـف ليـلة .. إنـدفـعـت نـحـو المكتب
وأنا معها .. أنفاسها تلفح وجهي بعـطـر حنانها .. والـهـواء .. يـداعب خـصـلات
شـعـرها الناعم .. المسترسـل ..فـتـطيـر وتلامـس وجهي كـأنامل طفل صغير
مازال في المهد صبيا .. رأيتها تـرمقني بنـظـرات حارة .. حائـرة ..وفي عينيها
بريق حزن مدفون لامع يشع من نـظـراتـها .. ورن صـوتـها في أذني .. أريد أن
أشرب .. أريد أن أرتوي .. وامتلأت نفسي مرارة .. لـقـد حطـمـت أنا السعادة
دفنت الآمال في قـبـر الـزمان .. انه أنا .. الظـالـم .. الجلـاد .. آهٍ .. هــو أنا ..
وهي كانت شـيـئا آخـر .. غـيـري أنا .. كانت حقيقة رقيقة .. مثقفة ..مرهفة
الحس .. شخصية آسرة تبعث في النـفـس ضـوء غـريب .. مـسحـور ..مـموج
بأمواج حارة دافئة من الحب .. آهٍ .. هو الحب .. الذي عـشـته .. ونـوره .. في
قصة لم يرويها كتاب شهر زاد في قصـص الـف ليـلة .. إنـدفـعـت نـحـو المكتب
ورحت أتحسس الأوراق الـصـفـراء الباهـتـه .. سـجـيـنـة .. أدراج هذا المكتب
الأصم الأبكم الذي لايـريـد أن يبـوح بسر .. أسراره .. الداخلية .. ووقعت عيني
علي .. الرسـالة الأخـيـرة .. الـمـخـطـوطـة .. علي صفحات حياتي وامسكت
يـداي بها .. وسـرت رعـشـة خـفـيـفـة في أوصالي خـفـق لها فؤادي ووقعت
عيني علي الكلمات الذابلة .. المطموسة.
عزيزتي .. نوره.
تلك رسـالتي بيـن يـديـك لها مـن الأهـمـيـة مالـيـس تـحـظي به غـيـرها من
الرسـائل الـسابـقـة .. فـرجائي .. تكـرار قرائتها حتي تدركي حقائق الماضي
ومشوارنا سويا.. فيا عزيزتي .. لقد وجـدت فـيـكِ صفات عظيمة لها من يبحث
عنها غيري أنا .. والراغبـون كـثـيـرون .. فلا تـبـخـلي بها علي من يود شرائها
أما أنا .. فدعيني .. فإني لا أفـكر في الإرتباط الآن .. ولعلني أجد من قد تكون
في حياتي فيما بعد .. وأعـتـقـد بل وأؤمـن أنـك لاتختـلفي معي في هذا لأنه
حلم كل إنسان وإنسانة علي حـد سـواء .. ومن هنا أضـع أمـام عـيـنـيـك تلك
النتيجة التي وصـلـت إلـيها مـن خـلال ذلك الـمـشـوار الـذي أعـلـن لك نهايته
الآن لنعود من حيث بدأنا وليـخـتار كل منا طـريقه ولـنـدع في طيـات الـمـاضي
ماكان بيننا .. ودعواتي لكِ بالتوفيق ..!
ولم أصدق نفسي .. أنا .. أنا الــذي جـلـسـت وامـسـكـت بالقلم ورحت أخط
هـذه الكلـمات لأجـعـل مـنها .. كـفـنا .. لـحـب عاش معي وعـشـت معه وبه
أجمل لحظـات الـحـيـاة .. حـياتي أنا .. وأنا فـقـط .. لم يـكـن هـو معي .. ولن
يـكـون .. لأنـه عاش في عالـم آخـر .. زمـن آخـر .. كانت فيه عادات وتـقـالـيـد
لكنها الآن ذهبت مع الريح.؛
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
بقلم / عبدالمجيد الديّهي
من المجموعة القصصية
المشتركة ( الفستان الأحمر )
جمهورية مصر العربية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق