كتبت سهام محمد ابن زريق البغدادي في قصيدة وشاعر



قصيدة و شاعر
ولقد إخترت لكم هذا المساء شاعر حفر إسمه في ذاكرة التاريخ والشعر بقصيدة يتيمة حازت على إهتمام كبير من الشعراء والأدباء على مر العصور 
لقد ترجم شاعرنا كل أحاسيسه في هذه القصيدة فعبر بها حدود القارات ليستوطن قلوب عشاق الشعر


إنه أبو الحسن علي بن زريق ،كاتب عراقي و شاعر عباسي مشهور ولد في مدينة بغداد ونشأ فيها وتعلم في مدارسها و بيوت علمها إلى أن قرر الرحيل عن موطنه إلى الأندلس عله يجد فيها من لبن العيش وسعة الرزق ما يعوض عن فقره 

وقد ترك في بغداد قلبه مع زوجته التي أحبها ومن أجلها سافر وإغترب في الأندلس قاصدا الأمير أبا الخير عبد الرحمن الأندلسي وقد مدحه بقصيدة بليغة جداً ولكن الأخير لم يجزيه كما توقع فقال إبن زريق والحزن يحرقه 
إن لله وإنا إليه راجعون سلكت القفار والبحار إلى هذا الرجل فاعطاني هذا العطاء القليل 

وقد قال بعض من كتب عنه إن عبد الرحمن الأندلسي أراد أن يختبره بهذا العطاء القليل ليعرف إن كان من المتعفيفين أم الطامعين الجشعين فلما تبينت له الأولى سأل عنه ليجزل له

العطاء فذهب إلى الخان الذي كان يقيم فيه إبن زريق فوجده قد فارق الحياة وكان ذلك سنة 420 الموافق 1029 م
وقيل أن الأمير قد بكاه بكاء حارا عندما وجد المكتوب عند رأسه وقد أعتبرت القصيدة من أجمل ما كتب في الشعر في ذاك الحين و عن عيينة ابن زريق قال إبن حزم الأندلسي من تختم بالعقيق وقرأ لأبي عمرو و تفقه للشافعي وحفظ قصيدة إبن زريق فقد إستكمل الظرف 

ﻻ تعذليه فإن العذل يولعه ...قد قلت حقا ولكن ليس يسمعه

جاوزت في جدا أضر به. ..من حيث قدرت أن النصح ينفعه

فإستعملي الرفق في تأنيبه بدﻻ. ..من عذله فهو مضنى القلب موجعه

وقد كان مضطلعا بالخطب يحمله ...فضيقت بخطوب الدهر أضلعه
يكفيه من لوعة التشتيت أن له...من النوى كل يوم ما يروعه
ما آب من سفر إلا و أزعجه...رأى إلى سفر بالعزم يزمعه
كأنما هو في حل و مرتحل ...موكل بقضاء الله يذرعه
إذا الزمان أراه في الرحيل غنى...ولو إلى السند أضحى وهو يزمعه
تأبى المطاعم إلا أن تجشمه ...للرزق كدا وكم ممن يودعه

وما مجاهدة الإنسان توصله...رزقا وﻻ دعة الإنسان تقطعه

قد وزع الله بين الخلق رزقهم...لم يخلق الله من خلق يضيعه
لكنهم كلفوا حرصا فلست ترى...مسترزقاو سوىالغايات تقنعه
والحرص في الرزق والأرزاق قد قسمت...بغي ألا إن بغي المرء يصرعه
والدهر يعطي الفتي من حيث يمنعه ...إرثا و يمنعه من حيث يطعمه
إستودع الله في بغداد لي قمرا ...بالكرخ من فلك الأزرار مطلعه
ودعته و بودي لو يودعني ...صفو الحياة وأني ﻻ أودعه
كم تشبث بي يوم الرحيل ضحى...وأدمعي مستهﻻت وأدمعه
ﻻ أكذب الله ثوب الصبر منخرق...عني بفرقته لكن أرقعه
اني أوسع عذري في جنايته...بالبين عنه و جرمي ﻻ يوسعه
رزقت ملكا فلم أحسن سياسته...وكل من ﻻ يسوس الملك يخلعه
ومن غدا ﻻبسا ثوب النعيم بﻻ...شكر عليه فإن الله ينزعه
إعتضت من وجه خلي بعد فرقته...كأسا أجرع منها ما أجرعه
كم قائﻻ لي ذقت البنن قلت له...الذنب والله ذنبي لست أدفعه
ألا أقمت فكان الرشد أجمعه...لو أنني يوم بان الرشد أتبعه
إني لأقطع أيامي و أنفقها...بحسرة منه في قلبي تقطعه
بمن إذا هجع النوم بت له...بلوعة منه ليلى لست أهجعه
ﻻ يطمئن لجنبي مضحع وكذا...ﻻ يطمئن له مذ بنت مضجعه
ما كنت أحسب أن الدهر يفجعني...به وﻻ أن بي الأيام تفجعه
حتى جرى البين فيما بيننا بيد...عسراء تمنعني حظي وتمنعه
قد كنت من ريب دهري جازعا فرقا...لم أوق الذي قد كنت أجرعه
بالله يا منزل العيش الذي دست...آثاره و عفت مذ بنت أربعةهل الزمان معيد فيك لذتنا...أم الليالي التي أمضته ترجعه
في ذمة الله من أصبحت منزله...وجاد غيث على مغناك يمرعه
من عنده لي عهد ﻻ يضيعه...كما له عهد صدق ﻻ أضيعه
ومن يصدر قلبي ذكره و إذا...جدى على قلبه ذكرى يصدعه
لأصبرن على دهر ﻻ يمتعني...به وﻻ بي في حال يمتعه
علما بأن إصطباري معقب فرجا...فأضيق الأمر إن فكرت أوسعه
عسى الليالي التي أضنت بفرقتنا...جسمي ستجمعتي يوما و تجمعه
وإن تغل أحدا منا منيته. ..فما الذي بقضاء الله يصنعه


والمتأمل في هذه القصيدة أصدقائي ﻻبد له أن يكتشف رقة التعبير وصدق العاطفة وحرارة التجربة كما تنم عن أصالة شاعرمطبوع له لغته الشعرية المتفردة وخياله الشعري الوتاب وصياغته البليغة المرهقة وقد عارضها أبو بكر العيدي بقصيدة من 49 بيتا 
كذلك الشاعر أبو العباس أحمد بن جعفر الديبتي بقصيدة من 31 بيتا 

كانت هذه أصدقائي لمحة عن شاعر خط طريق الشهرة في عالم الشعر بقصيدة فريدة متفردة خاطب فيها زوجته وندمه عن فراقها التي كانت معترضة عن رحيله وقد ظهر متصدع القلب من لوعة و أسى 
أعزائي إلى أن نلتقي مع شاعر آخر وقصيدة أخرى لكم مني انا سهام محمد ألف تحية وسﻻم

شارك الموضوع

شاهد أيضا

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات :

إرسال تعليق