الجهل وحقيقة باب الحارة / كتبت الدكتورة عبير خالد يحيى

الجهل

يبدو أن الجهل لم يعد قاصرا على من جهل الكتابة والقراءة ، ولا على من تحجر ذهنه عند أفكار غبية اتخذ منها ذريعة ليعطل عقله ، هذا شأنه، طالما كان جهله في في حدود شخصه أو في حدود أسرته أعانها الله على ما ابتلاها... أما أن يكون الجهل مشاعا يمر على مرأى ومسمع كل العرب في 

كل أرجاء المعمورة، تتناوله الفضائيات في معظم محطاتها على شكل مسلسلات أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها غير موثقة تاريخيا ، ولا تمت إلى الدين والشرع بأي صلة ، لا بل وتقدم على أنها الدين والشرع ! أو هكذا يقول الدين والشرع ! ما الهدف من ذلك ! أليس الهدف تجهيل الدين والاستهزاء بالشرع؟ ونشر السخرية والأفكار السلبية عن أي معتقد ديني أو شرعي ؟ ما الهدف من هذه المسلسلات ؟ ولماذا تعرض في رمضان بالذات ؟ أليس من أجل الاستحواذ على أكبر قدر من المشاهدين ومن ثم المباشرة بالهدم بما تقدمه من كذب وتزييف ؟

بسام الملا جزاك الله على ما ابتلاك في مسلسلك ( باب الحارة ) ، لم توفق لا بأنموذجاتك الدينية ،ولا بأنموذجاتك التحررية ، الزيف والكذب واضح ، هذه ليست سوريا وهذا ليس المجتمع السوري في هذه الحقبة التاريخية ، في هذه الفترة التاريخية كانت المرأة السورية واصلة بتحصيلها العلمي إلى الجامعة ، تخرجت منها أول طبيبة سورية وانهت دراستها بأمريكا، ( التجحيش) إلى الآن ونحن في زمن تحليل الكثير من الممنوعات ، لم يكن ليقره حتى شيخ كتاب... بطل المسلسل القدوة جعلته يرتكب الكثير الكثير من الزلات والأخطاء الفظيعة، وبنفس الوقت هو حكيم الزمان !

كيف جاد عليك فكرك النير بذلك ؟ لا شك أنه يليق بك ( الخرزة الزرقاء) تحفظك من الحسد ..!
أقولها كلمة والله من وراء القصد :
لا تصدقوا هذه الترهات ... لم يكن المجتمع السوري في يوم من الأيام كما صوره مسلسل /باب الحارة/ ، أصدق الحلقات هي التي جسدت الثورة السورية على المحتل الفرنسي رغم أنه شابها أيضا العديد من الأخطاء التاريخية .... كيف نقبل بهذا الكم الهائل من التشويه لشعب حي قاوم الجهل ونجح في تخطي الكثير من المحن والعثرات ؟

هي حملة شعواء لتقويض العقول والمبادئ ، بعد أن يتم الاستهزاء بالعقيدة، ومسخ القدوة ، فماذا يتبقى للنشئ؟ سيكفرون بكل شيء ،بالفكر والعلم والدين والمثل والأخلاق ، توهان في عالم من فوضى و يأس وجهل ...
من نفسي منذ زمن لم أعد أؤمن بمصداقية الإعلام المرئي ، ولا حتى المسموع والمقروء .. لكن يبقى هناك أمل بالمثقفين والأدباء الذين هدفهم بناء الإنسان ، إليهم أتوجه وأقول :

الأمانة بين أيديكم .. ادخلوا الساحة وكونوا سلاح خير وثقافة وصدق وعلم وأدب ... أخلصوا وانشروا الحقائق، فالعلم زكاته التعليم ، والحقيقة لا بد أن تخرج إلى النور ، والكلمة لا بد أن تصل ولو بعد حين ...
النشئ هم أبناؤكم ، وحقهم عليكم أن تعرفوهم ما جهلوا ... وأن تبصروهم بزيف ما يعرض عليهم ..
سيحاسبونكم ...والجزاء من جنس العمل.

د. عبير خالد يحيي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق