(( لم يبق من الذاكرة سوى دراجة أبي )) / كتب الشاعر / عبدالزهرة خالد

(( لم يبق من الذاكرة سوى دراجة أبي )) 

أبي عذراً سبقوني عنك بالكلمة 
لكن سألحق بك كما عودتني 
أهرول خلف ظلك المتدد
حول محيط الكرة الأرضية 
كل عام ونجمك أبي لازال يبزغ
في الظهيرة ~~~~~~~~~
في جو الصفاء المنشود
عندما يكون
الضمير الأبيض
يلفظ أنفاس الشمس
كثلج القطب الجنوبي 
من أرضي البور
التي لا تنبت فيها
إلا الحجر الأسود
ليبني بيت الله الأكبر
تبرز بيد القاضي
مطرقة 
تدق مناضد الحضور
من أشياءٍ لأشياءٍ
تسجل مخالفات 
التعقل والتحمل
في زمن الوالي 
العادل المجنون
بحب العرش 
وأرداف الجواري 
كأسلوب الوسطية

في الحياة العصرية 
بين البداوة والمدنية٠٠
كان أبي 
أحد العسكر
يقف كالعادة
على أستعداد
فوق ( بسطاله ) الأسود
في غرفة المعيشة 
محفوفة بصفيحٍ باردٍ
يمتطي دراجته
تشق له 
الريح الغربية
تهم بعطر الملمع
لأزرار معطفه المتصوف
بالمذهب الذي يعجبه
لا من إرث جده
عرق رجليه 
تعشق سراً
جوارب التمرين
خضراء تميل الى العهدة
نحو القمة 
تقبع فوق الهمة 
تتحدى أعتى 
فقراء العالم
يقطن في حي العسكر
خيوط الرتبة
معلقة في حانوت الجيش
يملكها بسهولة جداً
مجرد زقزقة دراهم معدودات
تدغدغ عش جيبه
أعتاد على فرار 
دنانير الراتب
حينما تحفظ 
منها زوجة عمره
في صندوق الأسرة 
يوم سار معها
فوق سيارة الزفة
وأدركت من تلك الليلة

قيمة الدمعة 
تهدر هباءً
في الفراق
الى اللاعودة 
والرتبة الجديدة
ترتقي من آمره
يكره حرصه
ويحب سهره
ليحميه بلا عتاد
أو هراوة التبختر
تعلم التضحية بالدم 
قطرة٠٠ قطرة 
ولا ينزف أية قطرة 
الإصلاح بالهمم 
خدوش تصيب زنده
النصر بلا صوتٍ
يوزع السهام
بالتساوي 
على جنود الفرقة
بكل الأصناف 
الجرأة مرت من هنا
صدفة 
أو محض حبكة
يطبع الأثر
على رمال قدميه
الهدف المقصود
شاطيء الفرات
وسيقان دجلة
قصبات الصياد
ترمي [ سهم البردي ]

وراء الغزال الشارد
من ظله 
في فيافي العنف الصاخب
يحصد سنبلة
على كتف القائد
يفقد صوابه
رغم أنه يصد ريح الوحدة
هذا القلم الأجرد
يستدير الى العين
ألا تنظر
حلم الماضي ،
منتهي المفعول ،
ينساه ،
لا يقرأ عنه 
في الصحف الصفراء
بخط عريض
منذ أعوام
جاوزت العقد الخامس
أو أعداداً من السادس حتى

أحلام الشتاء 
يعرفها الصيف القائظ
قد لا يتعدى
قطرات المطر
والغيم الرمادي
وقليل من البرق والرعد
في ليلة ظلماء جوفاء
تعاشر الموقد الخامد٠٠

أبي هناك
عند بوابة الحي 
نستبق الأحذية
كي نفوز بركبة
الدراجة الخضراء 
- لم يبق من الذاكرة -
أو الزرقاء
عبر النهر الجاري
نحو الحقل 
خلف القرية٠٠
أنا وهو وأخي
جاء العزيز
من أقصى المدينة
ليخبرنا
أيتها العير أنكم لسارقون
يلتف البصر بيننا
في شكٍ من أمرنا
أنا البريء٠٠ وأعرف نفسي
هو بريء حتما
يحمل ( صمونتين )

وأعشق قضم أطرافها
وأخي له حصة
نترك الباقي
لأختي الخصرين
لأمي الوسط
ما تشتهي
تكور اللب بين أناملها
حبات٠٠
تطعم٠٠
دجاجتها اليتيمة
خلصت بأعجوبة 
قبل سنة 
من مخالب القط أو القطة
تراكم الغبار الكوني
الحمم المرمية 
وجمرات السنين
على سفوح العمر
بدوران الساعة
أصبحت كرة ثلجية
فوق الشعر الأشيب
ليقضي ما
قضى القضاة
قبل لحظات
أن لا تحرير
من حب العبودية٠٠٠٠

عبدالزهرة خالد
البصرة 
٢٤-٦-٢٠١٦

شارك الموضوع

شاهد أيضا

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات :

إرسال تعليق