طفلة البراءة / بقلم الشاعر / غسان ابو شقير


تعالي ياطفلة البراءة وارسمي على خارطة بلادي أزهار للربيع وتفاحة حمراء وبساتين من اللوز للفراشات وللعصافير تعبق بالحرية
........... .............................. ....

على ناصية طريق الحياة
يطأنا القهر وبخف البعير يدوسنا...
امسى القلب صحراء تكتظ بالرمال
..
بالصوت الرخيم أصرخ 
وأستغيث بثغاء الناقة 
العهر ظهر على الوجود 
وسار في وضح النهار ..
بجسده العاري يجوب الأسواق
وأزقة المدينة الثكلى 
من يكترث باثار القيود على سوار المعاصم
للريح شرعت الأبواب
وأمطت اللثام عن الوجه الحزين ...

فهل هذه جريمة كبرى 
مزقت النقاب عن عويلك الغاضب..
هل هذا إعتداء وإنتهاك لحرمة الإنسان 
سقط القناع عن الوجوه
وأنكشفت ملامح الضباع 
وحان الوقت 
وكشف الستر عن المستور
رفعت الستارة عن الجاني
وسلطت الأضواء على الضحية
وعلى خشبة المسرح تمدد الهيكل 
ودم العمر المهدور 
دون المآسات يا قلم الهموم
وسطر على الورق السطور...
دولاب الدهر حين يدور 
كل شيء معه يدور
قدر يستبيح احلام البشر.....
وتسفح الآجال أخر دماء الآمال
من العطور ...
تجثم الخيبات على صدورنا وتفقس بيض الخذلان
البدر عاشق ولهان أعتاد أن يمضي في طريقه
كل مساء ويمر على ضفاف النهر 
يغور في القعر...

يصرخ ..
ويهمس في اعماق البئر
ارق العبارات كي يرضي غروره
ويطفىء عنفوانه الثائر
على غرار التوقعات. .
كم حجر هوى على العاشق النشوان..
شقق الصراخ جدار حنجرتي ...
وقطع الحبال....
و الزغاريد تاهت وانتزعت من اطراف اللسان....
وخمدت على الاوتار...
غراب الصبر حلق بلا جناح...
وقبل الموعد غادر الأوطان وطار..
أنعق فوق الاسوار ...
مواسمنا محروقة 
وذابلة في الحقول براعم الأزهار ..
والأرض ضرام
قميص العار حاكته الاجيال ....

وسربال النار حاق بالأوطان....
فما عاد الإخضرار يزور عتبات الدار...
وما عاد الربيع يبهج الأطيار 
لفظتنا الدار ....
تقيأتنا بإ ستمرار..
شياطين الإنس والجان ...
من كل الاصقاع جاؤوا ....
عيونهم تقدح النار
يوقودون فتيل الموت في براءة الاطفال
اشعلوا النار في عيون الأزهار...
في إشراقة النهار ....
في تلألىء الانوار...
مترقب ان يأتي الحلم المؤجل 
في عجلة..
تأخر قدومه عن الموعد ...
و طال الإنتظار...
هل يأتي حامل المسك من بين الاكوام... 

من كروم اللوز ولون الإخضرار...
حاملا بيداه سلال العناب....
تاهت الخطى وزلت الاقدام 
قد ضللنا الطريق وتأخر القطار ...
تأخر القطار...ومع خلخال الفجر المخنوق
حصل الإنفجار....
تناثر الغبار على شامة صغيرة في وجهي المستدير
قطاع الطرق في القرية...
تمادوا في الطغيان
قطعوا الاشجار وحرقوا الغابات....
تناسوا الفضيلة 
وكل أعراف القبيلة..
يتموا البراعم بحديقة الازهار...
القمر نزق من حنق العواصف 
مزق الغيوم... نزف دموع وامطار...

شرايين السماء
بلا أسماء 
من سهام الدعاء
تقطر الدماء ..
وفي اخاديد الارض نبحث عن مكان للإختياء
من شدة الضغط انفجرت الينابيع
وسالت الأنهار...
انفطر القلب من المكر ومن طباع الضباع
ابن آوى... يتقن لعبة الخداع...
على يد الشيطان الاكبر تعلم التجارة 
واصبح تاجر يشترى الحمل بدر هم 
ويبيع الرطل بقنطار ....
الحان العصافير منزوعة من الحناجر
وملتصقة بأوحال الذاكرة....
في معبد الروح نقوش من الاحزان 
و على انفاس الزنابق المكفنة بضجيج الصمت
نتلو القداس الجنائزي ....
وفي متحف العرائس الجميلة
صور مزينة بريش الطواويس 

وفراشات محنطة...
وأثار لعيون متأكلة 
على رصيف الانتظار ..
وفي محطة اللقاء والوداع 
تسمر الحلم...
اترقب ان يأتي الأمل الغائب بشكل مجهول ..
في زي رسمي خلاب ...
قد طال الآنتظار وتأخر القطار ...
وعلى شرفات أمي ...
في آصيص الزهور
وفي اواني الفخار 
ذبل الحبق
حين جاء الصقيع ..تحطمت الأحلام 

طرقات المدينة تعبرها التماثيل
بلا ملامح...
تجمد الدم في عروق السماء
يد الآله الوردية تصفع الاعناق 
والوجوه محنطة 
الطفل المتوهج على ارصفة الشمس 
ينتظر عودة ابيه من ساحات الدمار 
أرهقه طول الانتظار..
في محطات الوداع الآخيرة
هل سيأتي قطار الحرية ذات مساء على سكة القهر حامل حقائب الشرف...
لمحطات القادمين من على جسور الموت
وهل سترحل من محطات الوداع حاويات القهر 
و نفايا العهر الى خارج الاسوار
من مستنقع الاوحال المملوء بالنقيق والحصى
يصرخ هذا النهر...

سألتقط ضفادع الغدر الملقات 
في قاع الدهر
من سينتشل صراخ العصافير ...
من تحت سنابك الخيول
ومن سيطرد الذباب عن العيون الحالمة...
من سيوقظ الفجر كي يصلي ..
ويأتي بنور الصباح للقلوب المظلمة...
كي يشرق الضياء
تعالي ياطفلة البراءة وأرسمي على خارطة بلادي 
أزهار للربيع وتفاحة حمراء
وبساتين من اللوز للفراشات
وللعصافير تعبق بالحرية...
تعالي وأرسمي غزالة تقفز فوق الاسلاك الشائكة
و شراع للمراكب كي نسافر فوق الغيوم
وأر سمي على المدى جسرا من الوان قوس قزح 
كي نمضي قافلة للاحرار

الشاعر غسان ابو شقير

شارك الموضوع

شاهد أيضا

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات :

إرسال تعليق