قراءة في
قصيدة الأسبوع : مر الشباب وهذا العمر يحترق
للشاعر غزوان جمان العراقي / كتب فارس بن جدو
....جمع النص بين جمالية الرؤية البصرية المتمثلة في اللوحه الفنية الجافة و المتأرجحة بين البياض و السواد دون سواهما من الألوان ؛ و جمالية الموسيقى الخارجية بإيقاعي الوزن و القافية ؛ و قد كان للتخييل دور مهم في تشكيل الصورة على نحو يُكسر فيه أفق التوقع ، و يحدث الإنحراف إزاء المعيار القاعدي ( الهوى المذبوح مثلا ) ..مما تذعن له النفوس و تطيب له الأسماع.
سيمياء
الصورة : رسمت الصورة على الرقعه بالقلم الأسود الجاف ..مما أحدث تناغما بين اللون
الأسود و نظيره الأبيض الذي يحيل إلى الفراغ و الهوة بين الماضي و الحاضر ...حيث
يقف الرسام على أفق الحيرة و الغموض بين الشباب و الكهولة ..و هو مايفسره حضور
الطفل وسط الصورة ..و فوقه عين من الدموع الجارفة؛ هي دموع الحنين إلى ما مضى و
افتقاد النزق في الحضور ..و للعين حضور عند المتصوفه فهي رمز لليقين الأبدي بنكهة
التساؤلات الوجودية.
إيقاع الوزن و القافية :
نظم النص على البسيط ..و هو من البحور الطويلة القادرة على استيفاء مختلف التجارب الشعورية ..و لعل عودة الشاعر إليه هو عودة إلى القديم و النهل من الأصالة على مستوى الشعرية العربية ..فيما يعتبر الروي ( القاف ) ذا حضور موسيقى تتجسد فيه أعلى مستويات القيمة الشفاهية ..فهو من أحرف الإطباق و الشدة و الجهر التي تتميز بقوة التأثير على الأسماع ، ما يعني أن الشاعر بحاجة إلى الجهر للتعبير عن ما يختلج النفس من فيوضات و مكنونات تجاه ثنائية ( الشباب/ الكهولة ) أو ( البداية / النهاية ).
التخييل : يعمد الشاعر إلى رصف الكلمات في قوالب خيالية تثير الجمال و تعمل الفكر ، و هذا ما يؤسس لميلاد أعلى مستويات التكثيف الشعوري و الإيحائي للصور الشعرية .
و الجدير بالذكر أن النص الماثل جمع بين الكثافة و الإشراق ؛ فالكثافة نلتمسها في قصر النص و انفتاحه على مختلف الدلالات الانزياحية ...أما الإشراقي فنلتمسه على شكل فيوضات عقلية على الذهن تجعل من الكلام تعبير مطبوعاً ، يخضع لآلة الكلام و مرايا الذات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق