قصة قصيرة اللقاءُ الأخير..بقلم الأستاذ نظام صلاح

قصة قصيرة
اللقاءُ الأخير..



أحبها بجنون، وأحبته بشغف، عاشا قصة حبٍّ جارفٍ، شيء ٌ يشبهُ الولهَ، أولهُ جنونٌ وآخرهُ تلفْ، هكذا كان لقاؤهما، كانا يختمانِ المساءَ بقبلةٍ محمومةٍ يضعانها على شفاهِ الشفق، فتغلي منها مراجِلُ الشوقِ للقاءٍ جديدْ، تتشابكُ أناملُ التشبثِ بالبقاءِ، لكن غصةَ الفراقِ تلحُّ بحشرجَةِ النَّفسِ المكتومِ، والجفونِ التي ذبُلَتْ في وهنِ الوجعْ، والرموش التي اهتزت تنثرُ قطراتِ الأسى، والآه التي زفرتْ أنّاتِ الحسرةِ، فقد وقفَ السُّهادُ على أبوابِ الليلِ الطويلِ، فلهُ موعدٌ مع القمرِ.
كان يغزل من نبضهِ حروفَ الشوقِ خيوطًا، ينسجها وشاحًا مقصبًا بالنجومِ، ينتظرُ فجرًا كسولًا يتثاءبُ في حضنِ الشمسِ، ليجري إليها ملوحًا بالوشاحِ، لتلفهُ حولَ كتفيها شبه العاريتين إلا من رداءِ النومِ الخفيفِ.
عبقُ أنوثتها يملأ رئتيهِ، فترتعشُ أوصالُ اللقاءِ من شَذاها، ويثملُ النبضُ من أريجها، وتتخدر حواسهُ من عطرها، ونسيمُ العشقِ يهبُّ بلطفٍ ورقةٍ يحمل معهُ الهمسَ المحمومِ، وشفاهُ الوجدِ تُتمتِمُ مراسيم الغرامِ.
وينتهي اللقاء كما المساء، هيَ تقفُ على النافذةِ مودعةً بتلويح شالها المقصبِ.
هوَ يتراجعُ وظهرهُ للدنيا ونافذتها قِبلَتُهُ، يستمرُ في تراجعهِ حتى تختفي، فيقفُ مترنحًا، يحاولُ أن يتوازُنَ، فلقدْ وصلَ إلى حافَّةِ القدر.


شارك الموضوع

شاهد أيضا

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات :

إرسال تعليق