كراكيب.. بقلم الدكتورة عبير يحيى

كراكيب

وكأن كلّ ما حولي شنّ هجوماً على حولي ، فأحالني إلى حالي، أفكّر في أحوالي، لعّلي أرتّب حالي ، البعثرة التي أعيش في وسطها تسألني في حيرة هل تعجبك هذه الفوضى ؟!
أبتسم بخبث ، أكذب إن قلت أنها لا تروق لي ، لكن اللباقة تقتضي أن أقول أنها تزعجني ، وأنا بين الكذب واللباقة أترنّح ،
أخدر بمرآها تستثيرني ولا أعبء بها، وأُستفز باستجابتي لواجب التوضيب ، ليتها طوع أمري تسعدني باستعراضها وتأتمر بأمري عندما أملّها ... ليتها..

أنا من كانت ترتّب الأشياء بدقة ، تبتعد قليلاً ثم تنظر إليها وكأنها تحضّرها لالتقاط صورة ، وتعود لتعديل ما شذّ منها عن منطق الأناقة ، وكذا كنت في ترتيب الأولويات ، تسلسل هرمي لا يقبل التجاوز ، الأهم فالمهم .

كل شيء أرتّب له في ذهني أولاً، هذا الذهن الذي حاك الكثير من الخطط وأعدّ الكثير من التصميمات خلال فترات حياتي السابقة ...
الآن التغيّر الذي أصابني شعر به جميع من حولي ، بت أحتمل الفوضى ، بل وأسعد بها أنظر إليها بانتصار وكأني كنت معها في حرب ضروس غلبتني فراضيت نفسي وأوهمتها أنني من مكّنتها مني ، أحياناً أسأل نفسي ما الذي تغيّر ؟ هل كبرت بالسن فأحببت إحاطة كراكيبي بي وكأني في احتفالية ؟

قرأت مرة كتاباً _نسيت اسمه_يبدو أن الفوضى احتلت ذاكرتي أيضاً ، أن الأشياء التي يمضي عليها أكثر من سنتين دون أن نستخدمها هي في الحقيقة كراكيب علينا التخلّص منها !
وجودها في حياتنا مهملة دون استخدام يعني أننا لسنا بحاجة إليها وإمكانية استغنائنا عنها لمدة عامين يعني أننا يمكننا الإستغناء عنها إلى الأبد !

عندما قرأت هذا الكتاب بادرت فوراً إلى فرز أشيائي من ملابس وأدوات ومستلزمات خاصة ، فرزتها حسب مدة إقامتها في خزانتي مركونة لا دور لها سوى احتلال مواقع والتمركز فيها بسلام ، وضبتها وقمت بتوزيعها لإنقاذها من تهمة الكركبة ..
تعوّدت أن أسقط تجاربي الحياتي على حالاتي الوجدانية...
وعندما قمت بذلك صعقت !

آرائي القديمة المختبئة في حشايا الدماغ والذاكرة
والتي ما عدت أتناولها ،
هل أصبحت كراكيب ؟!!!

د . عبير خالد يحيي


شارك الموضوع

شاهد أيضا

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات :

إرسال تعليق