الحُبُّ والذئابُ( الجزء الثالث والأخير) / بقلم الأديب / سليم الجط (العصفور الدمشقي )

الحُبُّ والذئابُ( الجزء الثالث والأخير):

توقَّفنا في الجزءِ الثاني،عندما أراد (قيسُ) التوجهَ إلى الواحةِ الخضراءَ.
ومواجهةَ الذئبِ الشريرِ الذي التهمَ محبوبتَهُ(ليلى) بلا ملحٍ،والثأرَ لها،ولكرامتِهِ المهدورة بين العاشقينَ.
سِرتُ وإيّاهُ،أياماً وليالٍ،نطوي القِفارَ والسهولَ والجبالَ،حتى وصلنا مشارفَ الواحةِ.

قال لي: طِر° أمامي أيها العصفورُ.
أجبتُهُ: بل سِر° أنتَ أمامي يا(قيسُ).
بصراحةٍ،وبلا لَفٍّ ودَوَرانٍ،كنّا خائفينِ جداً،بل مَيتينِ من الرّعبِ والفزعِ.
*
قِفا مكانكما،مَن°أنتما؟؟؟.
كان ذلكَ صوتُ الضّبعِ حارسِ الواحةِ:* من أنتما؟؟؟ وماذا تريدانِ؟؟.
ابتلعنا ريقَنا،وأجابَهُ (قيسُ) بتلعثمٍ:* أنا (قيسُ) حبيبُ (ليلى)،وهذا صديقي العصفورُ الدمشقيُّ ونريدُ مقابلةَالذئبِ الكبيرِ.
*
حسناً،انتظِرا بُرهةً هنا ،ريثما أكلّمُهُ.
وغابَ عدةَلحظاتٍ،ثم عاد سامِحاً لنا بالدخولِ.
سِرنا بين الأشجارِ،كانت° جميعُ الحيواناتِتراقِبُنابفضولٍ،
والغريبُ أنّهُم° كانوا وُدَعاءَجداً،
نعم وُدَعاءَ،إذ° كيف تجتَمِعُ الخرافُ والذئابُ والأفاعي والحمائمُ وغيرها في مكانٍ واحدٍ؟؟؟
والأكثرُ غرابةً،أنَّ صغارَهُم° يلعبونَ مع بعضِهم بكلِّ حُبٍّ ومرَحٍ،عجيبٌ واللهِ،إذاً،أين شريعةُالغابِ التي يتحدَّثُ البشَرُ عنها؟؟.
وصَلنا إلى حيثُ الذئب،فقال (قيسُ):* أين شجرةُ السِّنديانِ التي أخبَر° تني عنها؟؟؟
هذهِ شجرةُ جَوزٍ أيها العصفورُ الذّكيُّ.

أجبتُهُ بخجلٍ:* هكذا أخبَروني...
قالَ:* وأينَ الذئبُ الشريرُ،الضّخمُ؟؟،هاهيَ أنثاهُ تُرضِعُ صغارَها،بكلِّ حنانٍ ومحبّةٍ،فلنَصمِت°،هاهو عدُوُّنا قد أتى.
سَكَتنا وكأنّ على رؤوسِنا الطّيرُ،حقاَ،لقد كانَ ذئباً عادِيَّ الحجمِ،كأيِّ ذئبٍ،ولكن° لهُ هيبةٌووَقارٌ.
بادَرَنا الحديثَ:* خيراً أيها الأصدقاءُ؟؟؟ ماذا تريدونَ؟؟؟.
تلَعثَمنا كِلانا،وابتلَعنا ريقَنا مئةَ مَرّةٍ،تشَجَّعتُ بالكلامِ لأنني كنتُ فوقَ الشجرةِ:
*
ياملكَ الواحةِ،هذا صديقي (قيسُ)،جاء يبحَثُ عن حبيبتِهِ (ليلى)،وقد أخبَرَني الناسُ أنّكَ....

أنّكَ.....
قالَ بلهجةٍ حادّةٍ:* أنني ماذا؟ تكلَّم° ...لاتَخَف°.
*
أنّكَ التهمتَها،انتِقاماً...
قال:* أنا التهمتُها؟؟؟ وانتقاماً أيضاً؟؟ .
ونظرَ إليَّ تلكَ النظرةَالقاسيةَ،فتخيّلتُهُ ينتِفُني ريشةً،ريشةً،
والحمدُ للهِ أنني كنتُ في مكانٍ عالٍ لايصِلُ إليهِ.
قلتُ بخوفٍ: * هكذا أخبَروني....
قال الذئبُ:* ولماذا آكلُها؟؟؟؟.
قلتُ:* ألَستَ ذئبَ سيِّدِنا (يوسُفَ)؟؟؟.
أجابَ مؤكِّداً:* أجل ،أنا المتَّهَمُ ظُلماً بدمِ ذلكَ الصالحِ.
سألتُهُ:* وانتقاماً لذلكَ الاتهامِ الكاذِبِ،التهَمتَ (ليلى)،أليسَ كذلكَ؟؟؟.
نظرَ إليَّ بغضبٍ،نظرةً يَشيبُ لهَولِها الوِلدانُ،وتُسقِطُ الحامِلُ حِملَها،
وقال( متعَجِّباً):* أنا؟؟؟ أنا فعلتُ ذلكَ؟؟؟ مَن° قالَ هذا الكلامَ؟؟.
أجبتُهُ:* هكذا أخبَروني...
قال غاضباً:*هذا كَذِبٌ ،ورَبُّ الذئابِ،أنا لم ألتهِمِ الصّالحَ (يوسُفَ)،ولا هذهِ المدعُوّةَ (ليلى).

قال (قيسُ):* إذاً أينَ اختَفَت° ،أيها الذئبُ الحكيمُ؟؟؟.
أجابَهُ الذئبُ:* أما رأيتُم واحتَنا،والسَّلامَ الذي يُخيِّمُ عليها؟؟؟.
قال (قيسُ):* رأينا بأُمِّ أعيُنِنا، وأبيها،نعم،صحيحٌ،ولماذا نكذِبُ في ذلكَ؟؟؟.
قال الذئبُ:* إذاً،طلَبُكُم ليسَ عندنا.
تضَرَّعَ(قيسُ)إليهِ:* حسناً،ياملكَ الذئابِ ،ألا تعرِفُ طريقاً إليها؟؟؟.
أجابَ بحزنٍ:* أيها الأصدقاءُ،تتّهِمونَ الذئابَ ظُلماً وبُهتاناً؟؟،سامَحَكُم رَبُّ الذئابِ.
*
عُودوا إلى بلادِكم،وانظروا ماأخبَرَتني بِهِ عيونُ الواحةِ وجواسيسُها:
*
ما ( يوسُفُ)،والأنبياءُ إلّا أنتم ظالِموهُم وقاتِلوهُم،وتتّهمونَ الذئابَ المسكينةَ؟؟،
*
يا(قيسُ)...
*
اذهب° وابحث° عن( ليلاكَ )في عيونِ الثَّكالى والمُهَجَّرينَ،والأيتامِ،والفقراءِ، جَرَّاءَحروبِكمُ السخيفةِ مثلكم.
*
ابحث° عنها في جيوبِ القُضاةِ والموظّفينَ ورجالِ الدينِ السارقينَ المرتشينَ.

*
ابحثوا عنها في حضارَتِكم الزائفةِ،التي حَوَّلَتِ الشريفَ لِصَّاً،والزّاني قِدِّيساً،والشيطانَ الخبيثَ إلهاً تعبُدونَهُ....
*
اذهب° يا(قيسُ)،وابحث°عنها عندَ كُلِّ مظلومٍ،في بيوتِ العَجَزَةِ،ودُورِ الأيتامِ،والوسائدِ المُبلَّلَةِ بدموعِ المقهورينَ...
*
اذهب° يا(قيسُ)..اذهب°...وأنتَ أيها العصفورُ الدمشقيُّ....لاتُصَدِّق° كلَّ مايُقالُ عنِ الذئابِ.

*
يا(قيسُ)،الذئابُ لاتأكلُ بعضَها ،إنَّ أنيابَنا هي لتأمينِ الطعامِ والفرائِسِ لصغارِنا ،أما أنيابَكُم فهيَ للقتلِ وسَفكِ دماءِ بعضِكُمُ البعض.
*
اذهبوا إلى بلادِكم،ولاتعُودوا إلى واحتِنا مَرَّةً أخرى.
*************************************************-************************************
انتهت بعونه تعالى.
العصفور الدمشقي 
6/7/2016

شارك الموضوع

شاهد أيضا

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات :

إرسال تعليق