قراءة في قصيدة "إمبراطورية العشق " للشاعر/ عبد الزهرة خالد / كتبها / فارس بن جدو

قراءة في قصيدة : "إمبراطورية العشق " للشاعر الرائد عبد الزهرة خالد ( أنموذج قصيدة النثر ) .



النص :
امبراطورية العشق
oooooooooooo
على مناضدِ الذكرى
ورماد الماضي البارد
أدمنُ صبّ الدمعِ
في قواريرِ الحزنِ
لآخر قطرة
ألعقُ الهمَ
بلسان الدنيا
تتيبسُ الأهةُ
في قعرِ الكأس
المرتبة فوق رفوف اليأس
كأن الشيب 
عبارة عن زحفٍ دائمٍ
نحو الرقمٍ الهائم
أدبُ في أشيائك
اصبعان تحضنان سيكارتكََ
حرارة الشوق
نكهة النشوة
يتلوى الدخان مع الزفرات
يفشي السر 
ما في لب المشاعر
تحنطتْ أحرفُ اسمكَ
على شفافِ القبلاتِ
يمتدُ غصنُ البحثِ
صحبة لحاء الديمومة
وفروع الحاجة
على أوراقِ اللهفةِ
تميلُ أينما يميلُ البال
منْ يؤوي عصافير أحلامي ؟٠٠
شاردة في فضاء الذهن
ماذا تقول ؟٠٠
في أضلاعي
أعشاشٍ من صمتٍ
يغطيها قشُ النبض 
منذ إيماني
متطرفٌ جداً 
في عشقكََ الحاكم ؟٠٠٠
•••••••••••••••


القراءة :
* يقوم هذا النص على إيقاع بصري تتوزع من خلاله الوحدات اللسانية في مدرج الكلام وفقاً لنظام السطر المتدرج الذي يغلب عليه طابع ( melodie ) الألحان ، و يمتد هذا السطر من الاعلى إلى الأسفل وفق نسيج من المصطرعات ، تتصدرها ثنائية ( بياض / سواد ) و البياض بطبعه يوحي إلى السكينة الروحية لخطاب فعل الحب ( العشق ) بنكهة الانفتاح على العوالم الروحية و الاطلاق الشاعري ، فيما يؤشر السواد على النزعة التشاؤمية و السوداوية التي تفرضها الحيرة و الغموض . و إذا ما عدنا إلى مؤشر الهبوط و التدلي للسطر المتدرج عموديا ( من الأعلى إلى الأسفل ) فإن مؤشر الدلالة يحيل - و فقا لمعيار البرهنة بالتضاد -إلى تسامي التجربة الشعورية من اللاشعور إلى البنية السطحية بعد اصطدامها بسلطة الأنا الأعلى ، و خضوعها لقواعد البنية العميقة ، و هنا تتجسد أعلى درجات التكثيف الشعوري ، من خلال تفرع خمسة شحنات دلالية :
-
دلالة الحيرة الوجودية تجاه الكون.
-
دلالة الضياع و البحث عن الأنا.
-
دلالة الرؤية ( استرجاع ماكان من ذكريات ، و استشراف الحقيقة المستقبلية ) .
-
دلالة التعدد عن الواحد .
-
دلالة الاتصال و الانفصال عن الطبيعه .
* .
و تقوم البنية الإفرادية لهذا النص على ثلاثة نزعات تؤسس لحضور الوظيفة الشعرية و هي :
-
النزعة التشاؤمية : و نلمسها من خلال تواتر رماد الماضي و انسكابه في بوتقة الذكريات استرجاعا ، مما يفعِّلُ الطابع الحزين على رحيل ما كان .
-
النزعة الصوفية : و تتمثل في تدلي أفق البحث عن اليقين ( الغصن ) و هو افق يتحدد حسب منزلة السالكين بين ( القرب / البعد ) ، و حضور مقوم الكأس كمعادل لمقام ( السكر ) و هو غيبة عن عالم الموجودات و حضور في عالم المحبوب الأعلى .
-
النزعة الوجدانية : و تتمثل في خطاب العشق ، سببه حاجة الذات إلى الآخر إعجابا بروحه و سلوكه ، و العشق في صميمه مكون صوفي تجسده صوفية الذوبان في الجسد و الروح ، لذلك نلتمس حضورا مكثفا لمعجم الجسد ،فيكون الانصهار في روح المحبوب مرهونا بمكاشفة سرادق الجمال الجسدي للمحبوب .
*
و بهذا يمكن القول أن النص في مجمله ذو أسلوب رؤيوي إشراقي ، ينصهر في بوتقة الرومنسية الحالمة و الصوفية الاشراقية ، استلهاما و تمثلا.

شارك الموضوع

شاهد أيضا

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات :

إرسال تعليق