( الغصن والحسناء
)
________
________
الشمس تبتسم في صباح مختلف ، كانت تغزل قطعة من قماش أحمر ، خيوطها تخترق ثنايا الحديقة الجاثمة بصمت ، على حافة ساقية خضراء ، ربما تنتظر وصول موكب الحسناء ، شتلات البندورة تتندر بتمتمة لا تشبه همسات الشمس ، لتوه يتوافد موكب الحسناء ، بيجامة بألوان السماء تعانق الجسد المرتعش ، الأنامل البيضاء تتسابق لمعانقة فنجان القهوة السرمدي
اللون ، كرسي القش يستقبل حسناءه بشغف ، ربما راودته
نفسه ، شتلات البندورة اليافعة تلتفت صوبها ، صمتت لحظات ، الحسناء تداعبها كما أم
تداعب صغيرها عند ولوج الصباح ، وربما كعاشق يداعب حبيبته حين تميل
الشمس عن خط
الخطر الأحمر ، مناجاة إلهية تسود المكان ، فجأة تمتد يد الحسناء إلى ذاك الغصن
المتمرد ، أرادت أن تعاقبه على غزله الجريئ ، لكن اليد الناعمة لم تكن كذلك في تلك
اللحظة ، انكسر الغصن وهوى إلى أرض صلبة ، سبقته دمعة حارقة ، كان يعلم بأنها
النهاية ، الأشقاء ينزون خلف
براثن الخوف ، أنين يملأ الأفق ، اجتماع طارئ بين
كواليسها ، البيان ينتهي لشجب الجريمة ، تعاضد الأشقاء أذهل الحسناء ، تمسح بيديها
على الغصن الذي كان يلفظ آخر أنفاسه ، لم تمنحه فرصة لوداع أشقاءه ، تتوقف
المداعبة في نفق طويل ، تغادر الحسناء تاركة فنجان قهوتها الغاضب ، وكرسي القش
الذي لم يصل للنشوة الكبرى ، أيام تمر وجفاء الشتلات مازال
يكابد آلامه ، موسم
العزاء لم ينته بعد ، كتبت الحسناء في دفتر مذكراتها : ( حتى شتلات البندورة تئن
وتغضب لكني لن أنساك ) ، ذيلت كلماتها بتوقيع وتاريخ أسودين ، الشمس تهدي غزلها
الأحمر لثغر الحسناء ، الحديقة تعاود سيرتها بعد انتهاء مواسم العزاء ...
_______
وليد.ع.العايش
25 / 7 / 2016م
وليد.ع.العايش
25 / 7 / 2016م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق