غفر لي / بقلم الشاعر / طارق صابر عبدالجواد


غفر لي

جاءتني تستبيحني 
عذرا في الرجوع
وأن أغفر خطاياها 
قالتها في خضوع
أتت مطأطأة الرأس
عيناها تملؤها الدموع
وبعض كلمات متلعثمات 
في فمها ويدان مرتعشتان
وقدمان بهما ثقل الجبال
تحملان أوزارها عليها
قالت.. أخطأت كثيرا 
في حقك فاغفر لي

لا استطيع ! كيف اغفر
لمن قتل الحنين
ودأب على وئدي طول السنين
كيف أسامح من بعثر أشلائي
في دروب العابرين
وكل يمر على جسدي
كأنني والأرض منحدر
وبأي شيء أسامح
وأنا لم يبق مني إلا الأنين
قالت .. ما يرضيك لتغفر زلاتي
فأنا لا أستطيع العيش دونك
وأخطائي كلاليب تحاصرني تطاردني
تمزق أحشائي تقطع أوصالي 
ألاف المرات في 
كل برهة وكل حين
وماذا عني أنا ؟..
أنا المقتول والمرسوم
على الحيطان في صوره
أنا المطعون في صدره وفي ظهره
وفي الهامة وفي القدم
وأنا المشنوق من رأسه
ورغم هذا لم يلفظ الآهة
ولم ينزف من جسده دم
أنا الجاني على نفسي
وأنا السجان والمسجون
داخل مبادئي وقيمي
أنا الذي أويت النار في قلبي
وكنت أدفئها 
وأشعل لها نبضي حطبا
ولما تمكنت مني سرت رمادا
فكيف لمن أحرقته النار
أن يلفظ الآهة 
أو أن ينزف من جسده دم

هل يا ترى ما بقى مني إنسان
أم بقايا رماد وحطام من الألم
اذهبي عني ودعي قتيلك 
في أكفان جراحه ملتحدا
فبالله عليك لا تنبشي
جراح في أكفانها
مازالت السنين تحاول 
أن تواريها والزمن
فالنبش في قبور الموتى حرام
كحرمة القتل العمد بلا سبب
ولن تعيدي النار إلى كفني
فأنا الطوفان والإعصار
وأنت الآهة والندم

طارق صابر عبدالجواد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق