عفونة زمن / كتب الأديب / ياسين خيرالله الزبيدي

عفونة زمن ..
------ --------- ----------
..............................
لم يتبق لي غيرها بعد أن أتت العاصفة على كل شيء ،وحتت أوراق شجرة مهولة كانت تضرب في عمق روحي والأيام

أمي رحلت بعد أن التهم رئتيها التي امتلأت بهمومنا، جائع خبيث. .أتى عليها بعد أن بدأت تخلط الماء بمنفضة سكائرها وتقدمه لجمعنا مبتسمة. وهي تردد هذه هي مائدتكم وهي التي عهدنا مائدتها مدججة بالعافية. لم تكن ابتسامتها هي الابتسامة التي عهدتها. كانت إبتسامة باهتة مخيفة متأتية من صور تراها ولا نراها نحن .

ابي وجد أن يغادرنا بعد أن أدرك أن الشوارع والدروب لم تعد تعي حذاءه القديم وان شساعتها لا تتناسب مع ما تبقى له من نجيمات وان ساعده المعروق (الممتليء باوردة يابسة لم تعد تجدي معها قناني الماء التي تعتليه) لم يعد باستطاعته أن ينزل اعذاق التمر من عليائها إلى الافواه الجائعة وان أصابعه ما عادت لتستطيع التقاط الديدان العابثة لتبعدها عن اخضرار العشب الذي كان ملاذه في ظهيرات القهر. .

ثمة جسد كالتمثال اختارته الأقدار كي يكون شريك لي في اسمي ابوي ولتعلن بطاقتنا الشخصية الباهتة عن أخوة كاذبة.... ظل لسنين يحمل جسدي النابض موهما الجميع بأنه ما يحمله لم يكن غير جثة نفقت على السواحل...وكلما لاح له سواد غراب كي يخبره انه انما ينوء بجسد وروح تشبهه التقط حجرا ورماه باتجاه ذلك السواد ليسكت ذلك الصوت الصادح بالحق
. .....
هي آخر عناقيد الرحمة وبقايا اصوات ألحان تأتي من بعيد. ..أدرك أن الدوام محال. ..

لم يبق هناك غير تراب قديم (يفشي برائحة عتيقة) يمسح وجه النافذة التي عرجت منها كتائب الافراح وأرواح غضة كانت يوما تبتسم .....

ياسين خيرالله الزبيدي

شارك الموضوع

شاهد أيضا

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات :

إرسال تعليق