وحيدة
أمل وأمل وأمل…
تغوص تعابير الأسى ويرقى الأمل فوق الأمل، هذا حالها مُذ كانت في العهود الأولى، نظرتها الحالمة قطعت الطريق عن اليأس فما وصلها بيد أن أحزانها العتيقة ما فتئت تثير فيها اللواعج، فقد شاءت الأقدار أن تبقى وحيدة لأبويها وقد اقترنت صفة الوحدة بها من خلال اسمها .
واختصرت وحيدة أحلامها في أختٍ تشاركها تفاصيل حياتها اليومية من فرح
وترح وترفع معها ثقل الأيام.
من فرط الوحدة راحت تهذي بالألم المفعم بالأمل لكن أي أمل وأبواها بلغا من الكبر عتيا.
من فرط الوحدة راحت تهذي بالألم المفعم بالأمل لكن أي أمل وأبواها بلغا من الكبر عتيا.
حجّت إليها ذكريات الطفولة المعذبة حينما كانت تستجدي في الدمى روحاً تهمس لها بحب لكن هيهات هيهات فالوحدة شرابها وطعامها وملبسها ومنامها وإذ بالستائر المسدلة على الجدران ترسم صوراً لشخوصٍ رسمتهم في مخيلتها كإخوة وأخوات، من خضم معاناتها المتشعبة العصية على الزوال ومض المنى من خلال منى الجارة الجديدة.
منى لها من الإخوة الذكور ثلاث وكونها وحيدة بين إخوتها توطدت أواصر الألفة مع وحيدة - هما في نفس السن - ونشأت بينهما أسرار البنات وتمضي الأيام وتتعمق العلاقة بين الفتاتين ، وحيدة أينعت برأسها المشاريع العظام لهتك الستار الذي كونته عن الشبان ومنى تزداد بساطتها وعذوبتها كلما كبُرت.
في إحدى جلساتهما اتفقا على الخروج في نزهة وكان لهما ذلك في أحد الأيام المشمسة ولما دلفتا إلى الجنة المجاورة لمنزليهما صادفهما أحد الشبان ، تبادلوا النظرات فتزاوجت نظراتهم ، خلوا ببعضهم ونزعت وحيدة الستار عما تخيلته فارساً يحقق الحلم وسرعان ما تبدلت بسمة الشاب إلى خبثٍ فاضح فهمّ بهما وفتك بمنى بينما ولّت وحيدة فارّة .
رجعت منى تجرّ الشقاء ، من عينيها ينضح الألم من الألم ، ما لها إلّا الله ، يفور الأسى من أساها ، يفوح من روحها الوجع ، منكسرة خائفة اعتصر البؤس فؤادها فتجرعت مرارة ما بعدها مرارة ، ينضح من أملها ألم وألم وألم… وأوار لهيب الحنق يفيض من صدرها.
عادت والعذاب ينضح من كبدها، أسمال العذاب غطتها من كل جانب ، فقدت ذاتها بسبب جماح جارتها الوحيدة وبعدها صارت تطوف في الأحضان بسبب تبرأ أهلها منها وهجر المجتمع لها.
من نافذة العذاب تلقي نظرات حيرى ترنو للأمل الهارب وما لها من خلاص.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق