مدينة و تاريخ / بابل / كتبت سهام محمد

أصدقائي أسعد الله مساءكم أينما كنتم و اهلا وسهلا معنا فى مدينة أخرى وتاريخا آخر من برنامجنا 
____________مدينة و تاريخ____________


أحبائي الحضارة كالحياة صراع دائم مع الموت
كما أن الحياة لا يتسنى لها أن تحتفظ بنفسها إلا إذا خرجت عن صورها البالية القديمة و اتخذت لها صورا أخرى فنية جديدة فكذلك الحضارة تستطيع البقاء مزعزعة الأركان بتغيير موطنها و دمها 
ننطلق معا هذا المساء في رحلة ليست ككل الرحلات ونحط الرحال في مدينة شاهدة على قدم التاريخ وعلى عمق الحضارة مدينة تأخذنا من خلال حكايتها إلى أساطير الأولين وتعبر بنا من خلال سحرها وجمالها إلى ما وراء الخيال 
انها مدينة العلوم والأدب وهي أكبر عواصم الدنيا 
هي من قيل فيها ...
سل(الحله الفيحاء)أين كريمها.....ربيع بني الآمال مشرعة الرفد
سل(الحلة الفيحاء)أين رئيسها ....حميد المرايا الغز والحافظ العهد
سل(الحلة الفيحاء)من بعده العفا....فقد غاب من اكنافها قمر السعد


أعزائي انها مدينة بابيلي وهي كلمة اغريقية وهي تكيف اللغة الاكدية بابيلي أو باب ايلو ومعناه باب الإله وقد بقى الاسم على ما هو عليه في الألفية الأولى قبل الميلاد ثم تغير في الألفية الثانية قبل الميلاد بما معناه "بوابة الرب " "ومدخل الرب "من قبل عالم في التأثيل كذلك سميت بابيليا وعلى ما يبدو هو تكيف للغة السامية غير معرفة المعنى وفي كتاب العبري يقال ان معناها الحيرة كما أطلق عليها اسم "كادنجرا وهي كلمة سومرية و بابلونيا انها مدينة ما بين النهرين وبلاد الرافدين وقد صارت بابل بعد سقوط سومر والتي ذكر اسمها في الكتاب المقدس أكثر من مائتي مرة كما ذكرت في القرآن الكريم "ما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت " وقد كان اسم العاصمة العظيمة لمملكة بابل القديمة" شنعار"وقد أطلق عليها أسماء آخرى منها "تندير" وتعني مركز الحياة و" ايريدوكي"وتعني المدينة الطيبة أي الفردوس 
وهي العراق بوابة عشتار العظيمة مدخل للعجائب في بابل
وقد كان البابليون يعتقدون أن جنة عدن في بقعتها و "سو-انا "اليد العالية ويعتقد أن المعنى ذات الأسوار العالية 
وجاء في تك 9:10 أن مؤسس بابلي هو نمرود إلا أن البابليين ينسبونها إلى مردوخ الههم الأكبر وقد بناها مع ارك و أكد و كلنة و هيكلها الشهير لا يعرف بضبط تاريخ تأسيسها ولكنه من المؤكد يرجع الي الأزمنة البدائية 
ويروي المؤرخون أن المدينة تأسست في الألفية الثالثة قبل الميلاد إذ يعود تاريخ مدينتنا إلى أكثر من 5000 سنة 
ويروى أن الههم الأعظم مردوخ قد اصبح رأس مجموعة الآلهة البابلية بسبب نفوذ بابل كعاصمة إذ كانت محج عبادته وكذلك بسبب برج بابل العظيم 
كان السومريون أقدم سكان بلاد بابل 
وقد بلغت بابل ذروة مجدها في القرن الثامن عشر قبل الميلاد
في عهد حامورابي المتشرع العظيم من الأسرة البابلية الأولى
و كذلك في القرن السادس قبل الميلاد في عصر الملك نبوخذنصر في الأسرة الكلدانية 
ومن أشهر معالمها التاريخية الحدائق الرائعة ويقال أنها بنيت في منتصف صحراء بلاد ما بين النهرين القاحلة 
وقد كانت حدائق بابل المعلقة شاهدة على قدرة الإنسان في صنع واحة نباتية من الجمال وسط كآبة منظر صحراوي ضد كل قوانين الطبيعة 
اوجد الملك نبوخذنصر الحدائق كعلامة إحترام لزوجته سيمراميس التي اشتاقت إلى غابات وطنها 
كانت الحدائق محاطة بحطان وبخندق مائي لصد الجيوش الغازية
وقد سميت معلقة لأنها على شرفات القصور و على شرفة القصر الملكي 
وقد ركزت المدينة على جانبي نهر الفرات وفي نقطة تقابل السور بالنهر 
كانت هذه المملكة مؤلفة من أمم وشعوب مختلفة من الساميين و طورانيين و كوشيين وغيرهم لكن السلطة كانت للساميين وقد اشتهر شعب هذه المملكة بشدة البأس والإقدام 
وفي ايام نبوخدنصر هاجموا جميع البلدان الواقعة ما بين دجلة والنيل 
كما اشتهرت هذه الأمة بجودة الصناعة كحفر الحجارة الثمينة و رسم الصور على الصخور وصناعة النسيج وقد كانت منسوجات بابل في غاية الإتقان حتى أن الرومانيين كانوا يتفاخرون بها 
وقد امتازوا أيضا بعلم الفلك ولهم فيها أبحاث دقيقة وذكر ان علماؤهم عرفوا بالتنجيم والسحر 
وفضلا عن شهرتها العلمية فإن بابل عرفت بالتجارتها الواسعة برا وبحراً فكان تجارها يجلبون من المدن المجاورة لهم الذهب والعاج والقرمز واللؤلؤ 
وقد دخل اليهود العراق عندما تم سبيهم من قبل الآشوريين ثم البابليين حيث تم تدوين التوراة في بابل بعد السبي وقد استمدت الكثير من القوانين البابلية و دوندت الكثير من تاريخ بابل و قد كانت المصدر الوحيد لتاريخ وادي الرافدين قبل حل لغز اللغة المسمارية في القرن التاسع عشر
و كانت موجات السبي لبني إسرائيل ثلاتة وهي
سبي سامريا (721ق.م) حيث سبى الآشوريين اليهود وعلى رأسهم الاسباط العشرة
سبي يهواخن ( يهوباكين(597ق.م)حيث سبىنبوخذنصر 10 الألف يهودي من أورشليم إلى بابل 
سبى صدقيا (586 ق.م)والتي كانت علامة لنهاية مملكة يهوذا و تدمير أورشليم ومعبد سلمان الأول و قيل أن قرابة 40 ألف يهودي تم سبيهم إلى بابل خلال ذلك الوقت 
والمتامل في هذه المدينة الآن لا يخطر بباله أن هذه البطحاء الموحشة ذات الحر اللافح الممتد على نهر الفرات كانت من قبل موطن حضارة غنية قوية كادت أن تكون الخالقة لعلم الفلك وفضل في تقدم الطب وهي من أنشأت علم اللغة وأعدت اول كتب القانون وعلمت اليونان مبادئ الحساب وعلم الطبيعة والفلسفة وامدت اليهود بالاساطير القديمة واورثها العالم ونقلت إلى العرب بعض المعارف العلمية والمعمارية والتي ايقضوا بها روح أوربا من سباتها في العصر الوسيط 
واذا ما وقف الإنسان أمام دجلة والفرات الساكنين فإنه يتعذر عليه أن يعتقد أنهما النهران اللذان ارويا سومر وأكد و غذيا حدائق بابل المعلقة 
أصدقائي كانت هذه لمحة مدينة بابل الضاربة حضارتها في عمق التاريخ 
إلى أن نلتقي في مدينة أخرى وتاريخا آخر لكم مني انا سهام محمد ألف تحية والف سلام

شارك الموضوع

شاهد أيضا

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات :

إرسال تعليق