على حافة الطريق / بقلم الشاعر / غسان ابو شقير


على حافة الطريق
******************************** 

على حافة الطريق المملوء بالصراخ
تنطفئ الخطى...
ويطأنا القهر..
بخف البعير يدوس عرائضنا
ونضيع سدى...
القلب متصحر ومكتظ بالرمال
أنصهر حزنا ..وبالصوت الرخيم أصرخ 
وبثغاء الناقة أستغيث العهر ظهر للوجود 
في وضح النهار 
بالجسد العاري يجول الأسواق
أزقة المدينة ثكلى..
من يكترث بالجمر اللاهب وبالسياط المبرحة المنهالة على الجسد الممزق اللاهث ..

الجرح نازف وأثار القيد على سوار المعصم
للريح الهائجة شرعت الأبواب ..
وعلى الوجه الحزين برقع الألوان 
أميط اللثام ومزق النقاب عن عويلك الغاضب
هذا خيارك..
ما كان هذا يا صاحبي اعتداء 
وانتهاك لحرمة الإنسان 
سقط القناع عن وجه الضباع 
وحان الوقت فاكشف الستر عن المستور
أجهر بدعوتك وأعلن الولادة بصوتك الجهور 
أرفع الستارة عن العيون المهترئة المختبئة خلف النعاس
على خشبة المسرح تمدد هيكل الجسد المهزوم .
سلط الأضواء على النحيب 
وعلى الورق المقوى سطر اليراع كراريس من الهموم
ودون المآسات باختصار شديد..
وغفل عن باقي السطور..
دولاب الدهر حين يدور كل شيء يدور
قدر يستبيح احلام البشر ويسفح أجال الزهور
من أمالك تنزف آخر الدماء وقطرات العطور
وعلى الصدر تجثم الخيبات وتفقس بيض الخذلان
معتاد أن أمضي كالمساء قمرا وعاشقا ولهان
معتاذ أن أمر في طريقي على ضفاف الأنهار..
وأغور في القعر وفي أعماق البئر أهمس أرق العبارات كي أرضي غروري
على غرار التوقعات أسقط في القاع..
وألف حجر هوى على العاشق النشوان 
أشتد صراخ الصمت.. وفي حنجرتي تقطعت الحبال
والزغاريد المزروعة في حنجرتي خمدت على الاوتار
غراب الصمت لم يعد قادر على الطيران 
حلق بلا جناح وبلا موعد غادر الأوطان
ونعق على الاسوار ...

مواسمنا محروقة وذابلة براعم الأزهار ..
الأرض ضرام قميص من العار...
سربال النار حاق بالأوطان....
فما عاد للحقول الاخضرار 
وما عاد الفرح يطأ عتبات الدار...
ربيع أوطاننا لم يعد يبهج..
وعلى اشجاره خرست أناشيد الاطيار
لفظتنا الدار ..
تقيأتنا وازدرئتنا
شياطين الإنس والجان جاؤوا من كل الاصقاع 
بعيون تقدح نار
أشعلوا فتيل الحرب في براءة الاطفال 
في عيون الأجيال...
على عجلة من امري ..
أترقب أن يأتي شعاع للحلم
مع إشراقة النهار وتلألئ الانوار...
عن الموعد تأخر القدوم و طال الانتظار...
هل يأتي حلمك حاملا المسك من بين الاكوام 
من كروم اللوز و لون الاخضرار...
هل يأتي بيداه سلال العناب....
تاهت عن الدرب الخطى 
وزلت الاقدام 
قد ضللنا الطريق وتأخر عن الموعد القطار..
تأخر القطار 
على خلخال الفجر المخمور حصل الانفجار 
على شامة بخد حلمك المستدير 
تناثر الغبار
قطاع الطريق تمادوا في الطغيان
قطعوا الأشجار وحرقوا الغابات....

تناسوا كل شيء...تناسوا الفضيلة وأعراف القبيلة يتموا البراعم بحديقة الازهار...
القمر نزق..
حنق ...
تمزق الغيم من جنون العواصف 
أنزف الدمع وأبلل الامطار...
شرايين السماء...بلا أسماء 
من سهام الدعاء تقطر الدماء 
في اخاديد الارض نبحث..
عن مكان للاختباء..
وعن خلوة للاختلاء
من شدة الضغط انفجرت الينابيع وسالت الأنهار
و القلب أنفطر من مكر الضباع..
من طباع الضباع
ابن آوى يتقن لعبة الخداع...
تعلم التجارة على يد الشيطان 
واصبح تاجر يشترى الحمل بدر هم 
ويبيع الرطل بقنطار ....
الحان العصافير منزوعة من الحناجر
وملتصقة بأوحال الذاكرة....
في معبد الروح نقوش من الاحزان 
و على انفاس الزنابق المكفنة بضجيج الصمت
نتلو القداس الجنائزي ....
وفي متحف العرائس الجميلة ...

صور مزينة بريش الطواويس...
وفراشات محنطة للذكريات العتيقة...
وأثار لعيون متأكلة على رصيف الانتظار ..
في محطات اللقاء والوداع تسمر الحلم...
اترقب ان يأتي الأمل الغائب بشكل مجهول 
في زي خلاب ...
قد طال الانتظار ..وتأخر القطار ...تأخر القطار
وعلى شرفات الليل المرصع بالنجوم ذبلت الازهار 
في الأصيص الملون تتفتح الآمال
في اواني الفخار نختزن الأحلام 
حين جاء الصقيع تحطمت الجرار
طرقات المدينة تعبرها التماثيل من دون ملامح...
تجمد الدم في عروق المساء
ومن عروة السماء تمتد يد الاله الوردية
تلوح بمنديل الأمان 
الوجوه حزينة مكللة بالورد الذابل على الاغصان
الطفل المتوهج على ارصفة الشمس 
ينتظر عودة ابيه من ساحات الدمار 
أرهقه طول الانتظار في محطات الوداع الأخيرة
هل سيأتي قطار الحرية ذات مساء .. على سكة القهر. حاملا حقائب الشرف...
للقادمين على جسور الموت
وهل سترحل نفايا العهر..
وحاويات القهر خارج الاسوار
في محطات الوداع مستنقع من الاوحال 
مملوء بالنقيق والحصى
يصرخ النهر ألتقط الضفادع الملقاة في القاع 
وانشل صراخ العصافير من تحت سنابك الجياد
واطرد الذباب عن العيون الحالمة...
وأيقظ الفجر كي يصلي الفرح في المحراب..
ويأتي بنور الصباح
وفي القلوب المظلمة يشرق الضياء
تعالي يا طفلة البراءة ...
لنرسم على خارطة البلاد ..
أزاهير للربيع وبساتين من اللوز ...
والوان للفراشات تعبق بشذى الحرية

الشاعر غسان ابو شقير

شارك الموضوع

شاهد أيضا

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات :

إرسال تعليق