رحيلُ لبلاب / الشاعر / وليد العايش

( رحيلُ لبلاب )
--------
ماذا تركتُمُ لِدَمي 
ماذا فعلتُمُ بِفمي 
يامَنْ تُغادرونَ مَعاقِلكم 
عندما تهجعُ الدِيكةْ 
وتبكي عصفورةٌ نزِقةْ 
ويرحلُ اللبلابُ منْ وكرٍ 
يختفي مابينَ الثرى ... 

ونجمتين في فضاء 
ربما هجرهما الآن السناء 
ماذا تركتُمُ لِدَمي
دَمي المُعتّقَ بنبيذِ الإله 
تسْتَلِذُ بِنكهتهِ الشفاه 
ورُبّما تستلهِمُ الوحي منهُ 
آلافَ آلافِ الجِباه 
ماذا فعلتُمُ بِفمي 
هلْ قيدتُّموه جيداً 
 
أتكفي سلاسلكم ...
هلْ أمسى الآنَ رَهنَ الاعتقال 
 
أشكرُ اللهَ بأنّه أمسى منذُ اليومَ عصفوراً 
فوق غصن الشامتين 
أشكرُ الله 
فإنّهُ أصبحَ الآنَ 
يستنطِقُ فجرا من سنين 
لا يهمُّ إنْ شُدَّتْ على زِنديه 
سلاسل من حديد ...
وقفلاً أحمراً بلونِ دمي ...
دمي المُزركش بطعمِ الزيزفون
 
وبقايا أشلاء الياسمين ...
هلّا تساءلتمْ أينَ يُمكنُ أنْ يكون 
لا يهمّ إنْ تجاوزتْ نِمرَة قدميَّ 
المائةَ بعدَ الأربعين 
ولا يهمّ إنْ أمسى فمي ملوناً بِدَمي
فمنذُ أنْ وُلِدّتُ 
كتبتْ أمّي على ظهري ( شقياً )
وبأنّي ...  ( رُبّما لنْ أكون )
أيُّها العابرونَ فوقَ جُثتهِ 
أقصِدُ جُثّةَ فمي ... وجثتي النتنة
لا تأبهوا لصُراخِ طِفلٍ 
وَلِدَتّهُ أمّهُ على ضفافِ ميسلون 
إلى جوارِ الأنبياء 
في ذلكَ الجُبّ الذي يهوى السكون 
ماذا ستقولونَ لوالدتي ...
لابنتي ذاتَ السنوات السبعِ السرمدية 
لولدي الذي مازالَ كما عبير النجمتين
عندما يروا قدميَّ الاثنتين 
في جنونٍ ... وسكون 
وإلى فمي المُلوّن بِدمي 
ألا تخجلونَ منْ موجةِ البحرِ العتيق
لا يهمُّ ... لا يهمُّ 
بعدَ أنْ تجاوزتْ نِمرةُ قدميَّ الألفَ ألفْ 
يومها انْدَحرَ لساني لجُبّهِ
يومها الشمسُ والقمرُ 
كانوا يسجِدون 
أيُّها العابرونَ فوقَ جُثّةِ فمي 
قولوا لمنْ سيأتي ذاتَ يومٍ 
بأنّي مررت منْ هُنا
وهنا صرختُ 
وهنا وُلِدّتُ 
منْ بطنْ السياط 
منْ لُغةِ بلاط العاشقين
إن ماتت جثتي 
فإن على قيد الحياة ميسلون
والياسمين يزهر في مواسم
القهر الحزين ...
وأنّهُ لابُدَّ أنْ يأتي يوماً كي يكونْ 
ماذا تركتُمُ لِدَمي أيّها العابرونَ ... الغابرونْ
---------
وليد.ع. العايش
28/12/20166
م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق