قراءة لنص الشاعرة مها بلان / يقدمها الشاعر / فادي حسن



في مقام نص (( ذات حلم )) الأستاذة المبدعة 
//
مها بلان //

قراءة في خضم ((المدرسة الإنطباعية))

الكلام.... جسد وروح وجسده النطق وروحه معناه.
وبين الناطق والمنطوق تدور رحى الجعجعة في طحين المغزة وإيصال خبز اللفظ لفم التذوق... ليصار إلى مضغ عصارة التجربة والتلذذ به ،والنشوة حيناً وعدم الرضى حيناً أخر ليكون المخزون في سمات الجمال الحسي الإنطباعي في تأثيره المباشر الأني أو على مراحل تبقى عالقة في الأذهان مطولاً.. 

وهنا تكمن براعة المنطوق من فم روح الناطق ليشكل الجسد وروحه في كلمات تستأنف مساعي الوصول إلى الهدف الراغب ايصاله على مرحلتين متوازيتين غير منفصلتين
اولهما... البعث بمكنونات النفس لفظاً للعالم الخارجي على هيئة بوح (( منطوق ))
وثانيهما... التأثير المباشر في نفس المتلقي مع إختلاف رزم التوجه الفعلية للشريحة المتلقية بما يمليه عليه التوجه من ((الناطق))

لطالما كانت تشكل لديَّ العناوين ولوج مسبق لماهيات الحدث المراد الإيفصاح عنه ليكون بمثابة بوابة زجاجية أستطيع رؤية ما خلف خلفات زفزقات فتحها، حين إماطة اللثام عن الحدث الموضوع..

//
ذات حلم //
للاستاذة مها بلان..... يقودك العنوان إلى النفي المسبق لسيرورة الفعل أدناه... في الفكر الإستيعابي لطلاسم الحلم في نفس الكاتبة،، لتبقي الحدث رهن ذاتها فقط دون السماح للتأويل عن مصداقية الطرح الفعلي في الكينونة الحياتية المعاشة... ولطالمة وقعنا ك متلقين في فخ التمييز في التعامل بين النص كحالة منفردة النقد،، وبين الكاتب يعيش ادوار نصه،، فتكون القراءة في أوقات كثيرة تلامس الكاتب ونسيان المكتوب.

المباغتة المباشرة.. بوضعك في خضم الحدث دونما مقدمات تذكر لتكون امام ذاتك الضائعة في ادق تفاصيلها وحنو نماذجها التي زادت حالة الضياع بوصف عدم المقدرة على تبيان الإتجاهات وعلامات الذاكرة البسيطة القريبة او البعيدة لتكون // طفلة // صغيرة مشدوهة بغبار الحدث مثلما الإستفاقة في الحلم وانت في زمان ومكان مجهول أظلم.. لتعطك الاستاذه // مها بلان //
صور الضياع الحقيقية المعدومة من اي نجاة تذكر غير قامة طفلة صغيرة، وضباب وطرق متعرجة وانفاس تتهاطل زفيراً كصاعد جبل مبهم القسمات والملامح...
أن المباشرة في الطرح الادبي تفقد الكثير من المعنى في مكنونات السفر في طلاسم حل اللغز لإشباع الذائقة...
أما هنا كانت مباشرة مختلفة من الأستاذة // مها بلان // لتجعل من المتلقي يسقط عنوةً في خضم الموضوع فكراً وتصويراً للمشهد بصورة انيقة منتقاة بحرفية متمرسة في غياهب الضياع الصوغي الادبي حين 

//
باغتني خوف رهيب
ها انا الأن طفلة
صغيرة أعدو.... الضباب غير تفاصيل 
الطريق
أرتجف كوريقة خريف
عبثاً احاول إنتزاع خوفي
مازلت ارتجف... اتعرج بالصعود والهبوط
كطريق جبلي مبهم //

لتكمل استاذتنا // مها بلان //
في كل ذياك التوهان الفكري للحالة المعاشة وأقصد هاهنا شخص الطفلة على لسان الكاتبة..
محاولة التخلي والخروج عن سيطرة الفزع والخوف المتملك في هاتيك العزلة التي تلاحقها في ضياع الضياع...
لتستحضر الذكريات ونيس أونس يغيب عباب التفكير في مواقيت اللحظة لتجعل منه بساط طائر تسافر به من المكان إلى اللامكان مخلفة خلفها جسد على تيه الضياع ومستأصلة روح الإحساس من براثن الواقع المخيف 
لتأتي براعة الكاتبة هاهنا بشكل حاذق مميز لتكون اول الذكريات لطفلة خائفة هو إستحضار السند الأقرب الذي يزيل الخوف 
وهو // الاب // وكوخ قديم عتيق يقودنا إلى اللب الحقيقي والنسج الذي أعتمدته الكاتبة في نصها الأنيق في ميثيولوجيا الأسطورة
لتراني أرى بفهمي المتواضع تجليات الكاتب الفرنسي الشهير /// شارل بيرو ///
وقصته الأسطورية الخرافية عن الفتاة ذات الوشاح الأحمر وكوخ جدتها المترامي على اطراف الغابة... لأستشف اثناء طرح الكاتبة // مها بلان // بكل تلك الحبكة الراقية فيما تأتي سطور سرد المغزة :
عن
ملامح الغابة ككل من التداخلات في لب المشهد الصوري... لتقنع نفسها كطفلة تائهة بأنها ذات هدف نبيل تسعى إليه مثلما تلاحقت الدراسات النقدية فيما بعد وتأول القصة بأنها ذات طابع سياسي موجه من خلال الرداء الأحمر الذي يقصد فيه شريحة ذات مذهب سياسي معروف إيبان الحروب القديمة التي كان لها التأثير البالغ الأثر في الرمزية للمدارس الإنطباعية،، ليذهب النقاد لتجريد القصة من البراءة الطفولية 
ولا ننسى هاهنا واحب ان أذكر عطفاً في توغلنا في النص بأن // قصص الأطفال يكتبها الكبار //

ورغم كل هالة الخوف التي تحيط الطفلة في تلك الظلمة والفزع على لسان حالة اديبتنا // مها بلان //
تستخرج بإبداع متقن طريق الخلاص والمنفذ للخروج من عنق الزجاج فكانت الدلالة الراقية بإنبلاج نور الشمس وإشراقته ليبث النور إلى مفاصل الحياة وإبعاد روح الشر التي لطالما كانت متعلقة مرتبطة بالظلمة ليكون ملاذها من كل هذا الضياع..
ليكون الفكر في هاتيك الحالة جامد مع سيرورة الحالة الفزعة وعدم التفكير بأي شيء أخر سوى الهرول والهرب من الأنا الخائفة المنصاعة روحيًا لواقع التشدق بالوقت وما خلفه من تعب في الفكر 
لتكون الإبتسامة ولو كانت مصطنعة ..السيف الحقيقي الذي يبتر الخوف من جذور تمكنه في النفس وسيطرته عليها بشكل كامل..

ابدعت الأستاذة // مها بلان // بتقسيم الحدث إلى مفاصل حسب الرؤى الروحية المسيطرة في كل مشهد على حدى ، ليكون ترجمة حرفية للواقع النثري بمفاصل الولوج للتفصيل المنمق من أشكال الحداثة النثرية ..

لغة.... سلسة بسيطة النطق غزيرة المعنى والتبيان في إفادة النص والفكرة المراد طرحها.. والإبتعاد عن التصنع والتكلف
مع إني شخصيًا أفضل الإستعانة بلغة ودلالات تستوقف القارئ لبعض الوقت ليغوص في رنة المفردة والبحث في مكنوناتها.. وخصوصًا بأن المشهد ككل يعتمد على الحبكة القصصية النموذجية الكلاسيكية وبطريقة فاتنة وجدا.

أستمتعت وجدا بقراءة هذه التحفة الفنية 
ذات الموسيقى الغزيرة التنقل من بواعث الحدث لتشكل هالة ضياع وسكينة وخوف في آن واحد......

شكراً لمقامكم سيدتي
مها بلان.

فادي حسن............. الأن

.........................

ذات حلم..
باغتني خوف رهيب..
ها أنا الأن..
طفله صغيره أعدو...
الضباب غير تفاصيل الطريق..
أرتجف كورقه خريف..
عبثا أحاول انتزاع خوفي..
مازلت أرتجف..
أتعرج بالصعود والهبوط..
كطريق جبلي مبهم..
..................
ملامح كوخ عتيق..
ارى كرسي أبي الهزاز ..
كنت دائما اتخيله فرسا..
وانا بطله احارب الظلم ..
وانصر المظلومين..
هس..
صوت عصفور متكاسل..
وخطى الصياد..
سأسأله كيف طريق العوده..
وأقفل عائده إلى وسادتي..
أتسكع عند تخوم خوفي..
ما يخيفني حقا..
كيف سأتجرأ واخبر امي..
هناك أحلام ممنوعه..
أحلام لايمكن أظهارها للنور..
...............
الفجر يهرول ..
ليوقظ الشمس وينقذني..
والشمس عجوز 
تتثائب ببطء
لنتير دربي..
وانا أنسحب كسحابه..
لاغيث فيها..
تعمدت الهروب..
لاوقت عندي..
للفرح..للحزن..او الموت..
...............
أشعر بهواء جنوبي قادم..
يشابه ابتسامة أمي..
سأصطنع الابتسام ..
وأظهر اني بخير..
فالذئب يخاف من الإبتسام..
هكذا أخبرتني أمي..
قبل ذهابي لزيارة جدتي..

..
مها..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق