عمي جاب الله و أضحية العيد / الأديب / محمد الزين ربيعي

عمي جاب الله و أضحية العيد
يشهد كل سكان البلدة أن عمي جاب الله رجلا قنوعا وطيبا يسعى إلى كسب قوته وقوت عياله بكل الطرق المشروعة يجانب الحرام ويجتنبه ،بطون أهل بيته تبيت مملوءة لكن في غياب اللحم والسمك و الفاكهة أما هو فقلما يمتلئ بطنه لأن التعب يمنعه من كثرة الأكل ، و الكد يجبره على النوم في أحايين كثيرة باكرا و ينام في أحايين أكثر قبل أن تعد زوجته الطعام ،

 بات ليلته الأخيرة يفكر عفوا هو لا يفكر في أضحية العيد لأنها أكبر من آماله ولا يستطيع رأسه التفكير فيها لكنه يفكر في أشياء أكبر وأكبر هذا ابنه مقبل على شهادة الباكالوريا وابنته على شهادة التعليم المتوسط والعيد يتزامن مع الدخول المدرسي له سبعة أبناء يتمدرسون جميعا وهو يفكر في نجاحهم بل يخطط ويجاهد من أجل تحقيق ذلك ، مع صياح آخر ديك طُرق بابُ بيته طرقا غليظا وشديدا لكنه لم يكترث ولم يصب بالهلع لأنه يعيش حياة بسيطة لا مشاكل ولا عداوات فيها وبالتالي حياته دون اعتداءات ودون قلق يُذكر تقدم نحو الباب بخطوات متثاقلة وفتحه دون أن يسأل من الطارق فجاءه الأمر من الطارق ألا تسعى لكسب رزقك هيا تعال اتبعني إلى سوق الماشية دون تأخر فرد جاب الله صباح الخير يا سيدي لحظات قليلة وأكون وراءك في السوق إن الحمالين من أمثالي يرهقهم التعب فيصعب استيقاظهم صباحا ، لا تلمني يا سيدي أرجو المعذرة ، وفي سوق الماشية بدت الحيرة على الطارق وهو ينقل عينيه من كبش لآخر وكان لا يأبه أبدا بالكباش الصغيرة أو المتوسطة ولا يلتفت إليها ورغم شساعة السوق وكبر مساحته إلا أنه قطعه جيئة وذهابا وجاب الله يتبعه فلما أحس ـ وهو الثري الذي قلما يحس ـ بقلق جاب الله من الطواف في السوق التفت إليه وقال : يا عمي جاب الله أتدري ما هي الأضحية ؟؟ إنها هدية لله تعالى يجب أن تكون كبيرة وجميلة وغالية الثمن وهذه التي أبحث عنها هدية لله و صدقة معا فانبسطت أسارير عمي جاب الله وفرح فرحا كبيرا وقال في نفسه آه يا بسمة يا ابنتي لك أن تجُرّي الأمعاء بعد أن تشبعي من الشواء وآه يا التركي يا جاري العزيز لن أعطيك الثلث بل سأعطيك النصف ، الخير كثير والكبش كبير فصاح الطارق بصوت مرتفع والفرحة بادية على وجهه إنه هذا الكبش الذي يدخل السوق مع الأغنام للتو هيا اتبعني و هرول نحو باب السوق ،اشترى الكبش دون أن يناقش صاحبه في السعر ودفع فيه مبلغا رهيبا وطلب من عمي جاب الله أن يقتاده خارج مبنى السوق وهما يسيران في الشارع الذي يتوسط البلدة قال الطارق لعمي جاب الله لقد أمرنا الله تعالى أن نخفي الصدقات ولا نحرج أصحابها لذا أرجو أن لا يعلم أحد بهذا الكبش فقال عمي جاب الله يا صاحب الفضل ثق أن الله سيجازيك وأن سرك في بئر وأن عائلتي ستدعو لك فأخرج الطارق من جيبه ورقة من فئة المئتي دينار وسلمها لعمي جاب الله قائلا له هذه لك وخذ الكبش لبيت حاكم البلدة .
محمد الزين ربيعي بئرالعاتر تبسة 2سبتمبر 201

مع فائق التقدير،
محمد الزين ربيعي بئرالعاتر تبسة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق