خرائط
قصة قصيرة/أحمد البدري
عرفه الجميع بصوته الرنان، وقوته المؤثرة علي من حوله،إلا أنه لم يصلني بالقدر الكافي،فقد كان مترديا، لم يصبني إلا بكثير من البلاهة والحنق عليه .نظراته الحادة تتكسر علي جدران صمتي ورحي البائسة، لم يفزعني كما كان سابقا .
حين ناداني من مقدمة الصفوف ، لماذااختارني دون غيري ...؟! ، وقد غيرت موقعي ،فكنت وحيدا في ركن قصي في تلك الحجرةالبعيدة ، متقوقع وحيدا في شرنقة الصمت التي نسجتها بعيدا عن عيون الأخرين.
ربما ظن أنني أملك الكثير داخلي . وأنا لاأملك إلاخواء نفسي ، وقد تركته يعربد داخلي بلارحمة أو حتي مقاومة قليلة مني.
إزداد صراخه .. تقدمت الصفوف .. سألني عن التضاريس والمناخ واشياء اخري .
- أرسم خريطة للوطن
وأنا لاأعرف منها سوي جبال شاهقةمن الشك مضروبة حول صحرائي الجرداء. كانت السهول الخضراء بالأمس بقايا من روحي المهزومة، فما عادت تستقبل سوي العواصف والأعاصير ،ما عدت استقبل سوي كلمات المواساة .
-أمرني أن ألون تلك الخريطة وأحدد كل المعالم بما يناسبها .
سبقتني أناملي المرتعشة ،التقطت من بين ألوان الطباشير المختلفة سوي اللون الأحمر دون غيره، صغبت السهول والتلال والوديان بالون الأحمر .
- حاول استعادة صوته الأجش ،حاول إيقافي، لم يستطع ..كان اللون الأحمرغطي كل المساحات الفراغة علي السبورة.
هاج الطلاب ..تصارعوا..تفرقوا.. لكنهم جميعا اختاروا اللون الأحمر القاني من جديد..
- إنزوي وحيدا ليعلن أمام الجميع عن غبائه في معرفتي جيدا.
أمسك بعصاه...حطمنا جميعابلاتفرقة ...تربع علي كرسيه..مد ساقيه أعلي المنضدة التي أمامه...أخرج لسانه لنا ،ظل يهذي بكلمات لم نفهمها
0 التعليقات
