15 مايو
هبة سامي أبو صهيون
******************************************
15 مايو، عذراً لن أسميه يوم النكبة! فإني
لأجد في ثنايا هذه الكلمة شيئاً من اليأس في استرداد حقنا المسلوب.
و كأننا نذكر أنفسنا أننا في كل عام سنكون منكوبين بفقد فلسطيننا. و كأننا نذعن لتلك الكلمة، و يتخللنا من حيث لا نشعر الاستسلام لحالنا المريع.
و كأننا نذكر أنفسنا أننا في كل عام سنكون منكوبين بفقد فلسطيننا. و كأننا نذعن لتلك الكلمة، و يتخللنا من حيث لا نشعر الاستسلام لحالنا المريع.
أو ربما
هذا ما يتبادر إلي من شعور سلبي عند سماعها. فإني أكاد أسمع دويها كطلقة تخطف ما
فينا من روح الأمل برجوع فلسطيننا.
تسلب منا الثقة في حقنا بأرضنا، و تتركنا
منكوبين بضعفنا و خنوعنا لكلمة بثت سمها في مسامعنا إلى أن تملكت من كل مواطن
القوة فينا. و أحالتنا كأوراق خريف هشة تذروها رياح الطغيان السوداء كيفما تشاء
بعد أن نالت منا عزيمة المصاب بالثأر لمصابه. و جعلتنا مجرد أجساد هائمة على الأرض
بعد أن تركت ارواحها تصيح في القدس تنادي فينا صلاح الدين.
أفيقوا أيها الناقمون ولا ترضوا بعد بأن تبقوا منكوبين. فما المنكوب سوى مستضعف لا يملك من أمره إلا رفع الراية البيضاء بيد خائفة مرتجفة من الثورة على واقعها المرير. أما الناقم فشعلة شجاعة تميت برهبتها الوجل من قلوب المستضعفين و تحيلهم ثوار لا يردعهم عن مرادهم سوى النصر، أو الموت في طريقهم إلى النصر كأبطال آثروا الكرامة على حياة كنصف حياة.
أنا لن أسميه يوم النكبة، بل يوم النقمة. فمن يشعر بنقمة على الظلم يبقيها داخله ناراً لا تخمد لظاها. بل يشحذ بها همته، و يوصي بها من بعده: انقموا على سالبي أرضكم. و المراد (انتقموا) ، أو على أقل تقدير (لا تهنوا). فضلاً عن ما توحيه صورة (المنكوب) من ضعف مقارنة بما توحيه كلمة(ناقم) من قوة.
(الناقم) لن تكفيه كلمات (المنكوب) من شكوى لتنسيه ألمه أو حتى تسكنه. ألم الناقم لا يداويه الكلام بل الأفعال.
فما (المنكوب) سوى قلباً أدماه الحزن، و أحرق اليأس فؤاده فأحاله رماداً لا حول له ولا قوة. و أطفأت دموعه شعلة الغضب الناقم من عيونه، فأحالت عيناه من ثائر يحمل داخله قنبلة موقوتة إلى عيون ضحية يغشى بصيرتها الاستسلام.
لذا, لن أسميه أبداً يوم النكبة بل يوم النقمة. و سيكون شعاري فيه على الظلم كما هو دائماً "الله أكبر". فكبروا بإيمان و صدق أيها الناقمون, على الأقل لتشعروا بوجود الأمل، لتقتات أرواحكم منها بقوة المؤمن، لتقوى بها شوكتكم على مستبدي أرضكم، لتبصر العين بها نور الحق، حقكم بعودتكم إلى أرضكم مع تكبيرات النصر.
أفيقوا من نكبتكم و أحيلوها نقمتكم، نقمة لا تطفيء نارها سوى زناد بندقية تصدح مغردة بطرد الغزاة. تصدح هاتفة "الله أكبر" ،"الله أكبر".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق