مدينة قسنطينة / كتبت سهام محمد


_____________مدينة وتاريخ____________

نشد الرحال ونسافر معا أصدقائي إلى مدينة من شمال إفريقيا إلى عروس الشرق الجزائري إلى مدينة العلم والفن والتراث الأصيل إلى مدينة الهوى والهواء كما يحلو للشعراء تسميتها ننطلق إلى مدينة ليست كغيرها من المدن هي مدينة الأفراح والأحزان معا وهي مدينة
الأنوثة الصارخة تنفرد أصالة وتاريخا إنها المدينة النائمة على صخور سيرتا العتيقة وقد أطلق عليها القدامى إسم المدينة السعيدة لثراء أهلها و هي أيضا مدينة مدهشة لكونها مبنية على صخرة من الكلس الصلب 
مدينة الجسور المعلقة والأساطير التى تتداولها الأجيال ويترنم بسحرها وجمالها وعذوبة عطورها الشعراء وهي مسقط رأس إبن باديس ومالك بن نبي وهي المدينة التي مات في عشقها مالك حداد و هوتها 

احلام مستغانمي في الحقيقة أصدقائي قد يدهشنا ما قيل عن مدينتنا إلا أن ما قيل في وصفها قليلا فهي لا شبيه لسمائما ولا شبيه لها تحت الشمس إنها تلك الخجولة التي تغلق أبوابها ليلا كما أنك في بلاد العجائب ولأني تشرفت بزيارتها أحبائي تجدني عاجزة عن وصفها إنها قسنطينة أو سيرتا كما كانت تسمى مسقط رأس ماسينيسا و عاصمته التي جعل منها درعا قويا عرفت منذ آلاف السنين قبل الميلاد بدأ تاريخ المنطقة مع قدوم البربر الأمازيغ وانتظامهم في قبائل وقد أطلق عليهم الإغريق إسم الليبيين النوميديين حيث كانت كلمة ليبيا قديما تطلق على كل شمال إفريقيا بما في ذلك مصر 
استقر البشر فيها واختيرت كعاصمة للمملكة النوميدية لإنها تتربع على كتلة صخرية يحيط بها أخدود الوادي العميق ما رفع حصانتها و شموخها وبحكم موقعها الاستراتيجي كانت المقر الهادئ للفينيقيين خاصة في حكم ماسينيسا وقد إهتم بها هذا الأخير و طورها كمنطلق لحربه ضد الرومان لتأتي مرحلة العهد الروماني قسطنطين وتمرد شوارع هذه المدينة على الرومان ما دفعهم لتدمير منشآتها و تخريب عمرانها ليعيد الإمبراطور الرماني قسطنطين ترميمها و يعيد لها مكانتها كعاصمة لإقليم الشرق و قد أطلق عليها إسمه 
عرفت المدينة بعدها حصار يوغرطة الذي رفض تقسيم مملكة أبيه إلى ثلاثة أقسام بفضل دعم الرومان وبعد حصار دام خمسة أشهر اقتحم تحصينات المدينة واستولى عليها عادت سيرتا لتحيا مجدا جديدا مع يوغرطة ملك نوميدية الجديد
مع دخول المسلمين إلى شمال أفريقيا عرفت المدينة نوعا من الإستقرار وقد أضافوا اليها تاء التأنيث وبعد الفتوحات أصبحت عاصمة ماسينيسا تعرف باسم قسنطينة العروس التي صارت الزمن وتداولت عليها تغيرات حضارية من الجاهلية إلى المسيحية حتى القرن التاسع وفي القرن الثاني عشر عرفت المنطقة قدوم القبائل الهلالية وقد عادت المدينة للامازيغ عن طريق الإمارات الأمازيغية الاسلامية ومنها الزيريين ثم الحمدانيين و الموحديين وبعد سقوط الأندلس استوطن المدينة الاندلسيون كباقي شمال إفريقيا
و في القرن الثالث عشر انتقلت المدينة إلى حوزة الحفصيين وبقيت تحت سلطتهم حتى سيطرة الدولة العثمانية على شمال أفريقيا والمشرق العربي وقبل استقرارهم نهائيا في المنطقة حاول الأتراك العثمانيين فتح المدينة مرات عديدة وكانوا دوما يصطدمون بمقاومة الحفصيين سنة 1568م قاد الداي محمد صالح رايس حملة على المدينة واستطاع أن يستولي عليها من غير قتال وقد أصبحت فيه ثاني مدينة بعد الجزائر العاصمة وقد اختيرت لتكون عاصمة بايلك الشرق و بوجود الأتراك جعل منها معلما ثقافيا ثم تأتي حقبة الإستعمار الفرنسي لتدخل المدينة مرحلة جديدة في تاريخها 
اصدقائي كانت هذه لمحة عن مدينة و تاريخ إلى أن نلتقي في مدينة أخرى وتاريخ آخر لكم مني انا سهام محمد ألف تحية وسلام


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق