العزف على الجراح / بقلم الشاعر / شحادة الجنيد


(( العزف على الجراح ))
______________ 

أمام بوابةِ الغد
أعترفْ
إنّي أشتاق لجراحٍ صغيرة
لأيامٍ كان يعرف المطر أيْنها
فيلقاها بهيْئةِ أُمٍ و أبٍ رهيفين
يخيطها بِحُبٍّ كحنانه لحضنِ شقوقِ التّراب
وينبتُ مكانها سنابلَ ذهبية 
فأمضي بحباتها
التي تستيقظُ كمبسم العيد
إلى البعيد .. البعيد
من دون أن يتبعني الغياب
هُناكَ ...
حيْثُ كُوَى أحلام المستقبل
تمكثُ على نوافذِ الصباح القديم .. تنتظر 
فأضعها فيها برفقٍ و رقة
و تدخلها ضفائر الشمس الفتية 
لتنمو كحقولٍ واعدة بالسلام 
كما كانت حكايا المساءات تعد ..
أما الآن و كل شيءٍ كبُر فينا
و طغى قتامة و بؤسًا
لم يعد يعرف المطر 
على أيِّ إنسانٍ يموت
و هو يبحث عن رقعة عطش
شابت بها أعواد الأمل 
و لا أين أجلس القرفصاء
و أتركُ دموعي كأطفالٍ عراة
على أذرع الوقت العقيم 
يتامى عيوني
و أرحل كأنّي كنتُ قبلاً و لم أكنْ ..
فيا أيتها الصخور
التي تذكر تاريخ مجيئي و أذكرها 
أيُّها الطين
الذي منحني اللون و الرائحة
إنّي قادم إليكم
تعبتْ
فعشرون عامًا 
و أنا أوقظُ النائمين 
في أنفاق التشرد 
إن أفيقوا كفى تسكعًا
ربما مرَّ الوطن 
بقطار الموتى ضحية 
إلى ثلاجات أوروبا 
ولم تَروَّهُ حتّى و يخفى ..
لكن النار لا تَسْمَع
كما احترق شعبي و لم يُسْمَع
فصدقوني لمْ أرغب العزف
على الجراح
إنما هي أسرتني نايًا
فيكفيني حزني المعصوب زمنًا
و قصائدي التي تدمع غدًا
أنا قادمُ يا نسيانْ ..
______________
شحادة الجنيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق