الشعر العربي بين التدوين والضياع
...................
بقلم :
سيد محمدالياسري
لم يكن الشعر الحر وليد فكرة شاعر ، كما يصور بعض النقاد للجمهور ، لكن من الممكن ان نقول قد انتقل الى الجمهور بيد شاعر وكانت نقلته الصفة الرسمية بان يعترف به شعراً ، بعد محاولات كثيرة ، من قبل الشعراء الذين سبقوا السياب ، والملائكة ، والبياتي ، والماغوط.. وغيرهم وقد وجدت نصوصا حرة اقدم من هؤلاء الشعراء الا انها لم تلق نجاحا ، ولعل البند ،
شيء من الحر ، وحتى التعليمي الذي يفقد قافيته( الروي ) وحتى
( الوصل) في كثيره يجعله اقرب مايكون حرا من انه نوعا عموديا او غرضا اعتد به!
لكن
السؤال : هل الشعر العمودي ، بما يحويه من بحوره (١٦) هي كل ما انتجه العرب من
الخليل صعودا الى نشوء اللغة العربية؟
لقد اختلف المؤرخون على الرغم ان تأريخ البحور في عصر التدوين الكتابي ، لا عصر ( الامالي) والحفظ ، لقد اقدم الخليل على حصر الشعر ب( ١٥ ) بحرا ؟ كما ذكر الادب العربي ، وان الخليل وجد الشعر العربي كله على هذا المنوال ، وانه قام بتركيب البيت على نسق البيت العربي من فاصلة ووتد وسبب ، وان التغيرات تتم كما تتم على البيت الذي يسكنه العربي من خرم وصلم وخبن وطي وقطف ...الخ من الزحافات والعلل وانه حصر موسيقاه بتفعيلات جمعت حروفها ( لمعت سيوفنا) فكانت خماسية وسباعية ، كـ فعولن وفاعلاتن ومستفعلن ومفاعيلن ومتفاعلن ، ومستفعِ لن ، ومفعولات ، ومفاعلتن ، والتغيرات فيهن من الزحاف والعلل يجعل التفعيلة تنتقل الى ثنائي وثلاثي ورباعي وخماسي وسداسي وثماني ، وقيل ان الخليل نسى تفعيلة ( فاعلن ) وقيل انه لم ينسها لانها من تشكيلة البسيط بل نسى بحرها التي تتكون منها والذي اكتشفه الاخفش فيما بعد وسماها ( المتدارك) تداركا للخليل ، الذي اكتشف هذا العلم من باب الصدفة وهو مسافر لمدينة العروض ( مكة) يطلب منها علما بعدما تفوق تلميذه عليه شهرة ( سيبويه) فوجد شيخا يلقن غلامه بموسيقى خاصة :
نعم لا- نعم لالا- نعم لا- نعم للا
نعم لا - نعم لالا- نعم لا- نعم لا لا
وسأله الخليل عن هذه فاجابه الشيخ انه يلقنه ويعلمه قول الشعر من خلال موسيقاه وكان المقصود كما مبين من الوزن البحر الطويل الذي عليه معلقة امريء القيس :
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل
بسقط اللوى بين الدخول فحومل
قصة طويلة يرددها التاريخ لنا في كل كتاب يتحدث عن ( تاريخ الادب العربي ) ولعل فيه تجاذب واختلاف فيما بين بعض القصص بين كتاب واخر نفحة يضيفها هذا المؤلف او ذاك؟
حتى ان طه حسين قد شكك في الشعر العربي كله وقال انه من صنع الخليل والرواة بعده كالاصمعي والمفضل الضبي وغيرهم ... وقد اتبع بعض النقاد طه حسين ، في التشكيك وقد استندوا الى رواية بعهد الخليفة العباسي المهدي الذي جمع الاصمعي والمفضل وتباريا بالحفظ على ان قول الاخير اكثر من ١٠٠٠ بيت يروي وعندما رويا قصيدة ظهرت ابيات لم يروها الاصمعي وبعد استحلاف الضبي اعترف باضافتها للقصيدة كي يسبق الاصمعي ...
في هذا التاريخ اجد ان شيء ما موجود من الانتحال لكن ليس هنا بل انني ابعد هذا عن الشعر العربي ، لكن ما اريد ان اقوله ان الخليل اهمل اوزانا كثيرة في الشعر العربي وان الاخفش لم يتدارك بل كان الخليل متقصد باهمال هذا البحر ؟ واعتقد ان اهماله للبحور والاوزان الاخرى تعود الى:-
١- ان الخليل لم يستسيغ بعض الاشعار في القبائل العربية وان الشعر حصر بما استساغت اذن الخليل
٢- ان الخليل حاول حصر الشعر بما تستسغيه قبيله قريش
٣- كانت هناك اغاني صيغت ضمن وقتها والاغنية كما هو معروف شعرا وربما عد هذه الاوزان ( الاغاني ) في حينها ليس بمستوى العلياء والرئاسة والاسلوب الذي يستخدمه العرب حينها كأكابر ، مثل ما يأتي اليوم - فرضا- فيدون العمودي والحر ويترك قصيدة النثر والشعبي
والحقيقة ان الشعر نتاج موسيقي لعصره ، حيث اتفق بعضهم انه جاء من حداء الابل ، واعتقد ان هذا الحداء لون ، فقد وجد في الادب الترقيص ، وهو ماتقوم الام من اشعار لوليدها، كما ان الموسيقى في ذلك الوقت كانت محددة بتلك السكنات والحركات وضمن الاوتار المحددة وقد فطن لها الدكتور محمد مندور وذكر في كتابه ( في الميزان الجديد) ان مقارنته بمعهد الموسيقى بالالات دقيقة جدا لم يلحظ اي تغير في زحاف القبض في
وليلٍ كموج البحر ارخى سدوله
علي بانواع الهموم ليبتلي
اذا من اصل البحر ، تلك الضرورات التي وضعها الخليل على انها تغيرات لازمة وغير لازمة ، ولربما ترك تغيرات وانغاما واشعارا كثيرة لم تستحسن من قبل اذنه ، هذا مادعى الشيخ جلال الحنفي في ١٩٧٠ سبعين باصدار كتابه ( العروض تهذيبه وتدوينه) مبتعدا عن كل المصطلحات من الزحافات والعلل ، ليعلن ان للبحر بدائل ويدخل الارقام بدل الشريحة والباء غير معجمة - ب ويقول ان البحر الطويل الاول
فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن
فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن
وان الثاني
فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن
فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن
وهكذا في التغيرات التي تطرأ على فعولن ( فعول) او مفاعيلن ( مفاعلن) ( مفاعيل) مبتعدا عن الرمزين //٥/٥ فعولن ب-- متخذا ٢٢١ ، وهذا في رأيه يبعد الطالب او الشاعر كاهل حفظ اسماء الزحافات والعلل مثل الخرم والصلم والتذيل والترفيل والخبن والطي ... الخ ويسهل من عملية حفظ البحور الذي اصبح البحر الطويل ١٦ بحرا وهذا ما سيرهق الطالب اكثر! بين هذه التجاذبات يبقى الشعر العربي بنظرة بعض الكتاب والنقاد منتحلا ، لانهم لم يقعوا على ان الشعر في العرب كان طربهم وحدوهم وغنائهم وترقيصهم وهم كتبوه على نغمات كانت تتستسيغ لهم وتطربهم ان كان حدوا للابل اوغناء للطرب او ترقيصا للاطفال ، لكن المتشددين لايروا الا الوزن ، الذي اصبح من يتقيد به لا يمكن ان يدعى شاعرا بل حتى الغرض اصبح مقيدا كالجاهلي بل الاسلوب من مطلع ومتن وغيره ، وقد بدأت الثورة في زمن العباسين حيث المولدين لكن من حيث البناء وليس الاوزان الا في نهاية زمن العباسين وتأثير بعضهم بالادب الاوربي الذي نفى بعض النقاد ان الادب تأثر بالاوزان وخاصة بالاسبوندي المقابلة للتفعيلة والمتكون منه البحر الاسكندري الذي يكون اكثر طولا من البحر الطويل ، وان القوما والزجل والدوبيت والكان ، تأثير عربي لتلقي خفة الموسيقى وتتطابق الموسيقى مع الشعر، واذا اخذنا هذا نجد اننا نعود الى الاصل ان الشعر يتبع تقاطيع الموسيقى ، في الحقيقة لا الموسيقى تتبع الشعر ، لذا نرى ان ثورة الشعر الحر حافظت على موسيقى الشعر من حيث الايقاع الوزن ، وانفلتت من القافية ، التي كذلك وضعت لها معايير خاصة ، هذا يعني انه لم يصيغ وزنا جديدا عند سماع السياب او نازك او البياتي موسيقى اوربية صاخبة كانت او هادئة اي لم يكن التغيير ناتج من الولادة الموسيقية مما جعل الشعر الحر ليس بالتغير الذي يشدو اليه الشعراء فذهبوا الى النثر وهكذا حتى ان العودة الى حضن الوزن والقافية تأتي بهم وتسترجع حتى شعراء الحر في الرثاء او الالم ، على الرغم من ان الحر يتسم بالشمول من حيث القصة التي يعجز عنها العمودي كما هي ابداعات السياب في ( المومس العمياء ) و( حفار القبور) و( الاسلحة والاطفال) وعلى حد الدكتور مدني صالح ( يمكن ان تكون مسرحية ) هذه الاشعار اتشخت بالقصة المؤلمة والمفردة التي تلامس احاسيس القاريء ، وقد حاول بعض شعراء العمودي ذلك قبلا وبعدا ، وخاصة في المسرح كما هو احمدشوقي ، الا ان القافية هي التي تعود في زمن الالم والرثاء والمواجع ، فيظهر عودة الشعراء الى ما يطربهم في الامهم وما يعبروا عن عشقهم ليعودوا الى حضن القصيدة القديمة متمسكين بوزنها واتباع تعليمات الخليل ومن بينهم للذكر لا للحصر فانهم كثر ، الشاعرة اللبنانية ناهدة الحلبي والسوري محمد سعيد العتيق والمصري الجبالي وفؤاد فوده وخلاف والاردني المعايطة والعراقي محمدحسين ال ياسين وكاظم الخطيب ، وغيرهم الا ان حتى في هذا نجد تغيرات كما فعل ابومهدي صالح الذي ادخل تغيرات في مواقع الزحاف كما في مستفعلن في البسيط جعلها مستفعل ، او ادماج الوافر مع الكامل ، ليقول ان الجمهور لا يهتم للخليل بل الشعراء من يهتموا للخليل ، وان بامكان الشعراء اتباع الموسيقى الحديثة ليخلقوا لنا وزنا جديدا، لكن يبقى للمحافظين رفضهم لهذه الفكرة ، في النهاية ان الشعر يتجدد مع الموسيقى ولا اراه يتجدد من الوزن السابق او يتحرر منه لان اصل الشعر جاء مع الموسيقى وانطلق منها ومتى تجددت الموسيقى سنجد شعرا ووزنا جديدا.
في النهاية ارى ان قضية الانتحال قضية غير واردة في الشعر العربي وان الهالة التي خلقها بعض الدارسين والشكوك هي غير صحيحة لان كما تبين ان الشعر يتطور عبر زمن ليس بقليل ولايمكن للمنتحل ان يصادق على هذا الزمن والكم كما ان الشعر نتج عن الموسيقى وقد ضاع منه اكثر من الذي وصل او حفظ او سجل وقد تكون ضاعت اوزان كثيرة ونحن ننتظر تغيرات في الشعر ليس من خلال تراثة بل من خلال تتبع موسيقى جديدة ولون جديد.
وقد يكون ما عد خطأً في الوزن في زمن الخليل او ما عده الخليل خطأ هو ليس خطأ او كسرا كما يعبر عنه بل وزنا لم تستسيغه اذن الخليل ، ويعتبر شعرا ضائعا وتراثا مندرساً...
لقد اختلف المؤرخون على الرغم ان تأريخ البحور في عصر التدوين الكتابي ، لا عصر ( الامالي) والحفظ ، لقد اقدم الخليل على حصر الشعر ب( ١٥ ) بحرا ؟ كما ذكر الادب العربي ، وان الخليل وجد الشعر العربي كله على هذا المنوال ، وانه قام بتركيب البيت على نسق البيت العربي من فاصلة ووتد وسبب ، وان التغيرات تتم كما تتم على البيت الذي يسكنه العربي من خرم وصلم وخبن وطي وقطف ...الخ من الزحافات والعلل وانه حصر موسيقاه بتفعيلات جمعت حروفها ( لمعت سيوفنا) فكانت خماسية وسباعية ، كـ فعولن وفاعلاتن ومستفعلن ومفاعيلن ومتفاعلن ، ومستفعِ لن ، ومفعولات ، ومفاعلتن ، والتغيرات فيهن من الزحاف والعلل يجعل التفعيلة تنتقل الى ثنائي وثلاثي ورباعي وخماسي وسداسي وثماني ، وقيل ان الخليل نسى تفعيلة ( فاعلن ) وقيل انه لم ينسها لانها من تشكيلة البسيط بل نسى بحرها التي تتكون منها والذي اكتشفه الاخفش فيما بعد وسماها ( المتدارك) تداركا للخليل ، الذي اكتشف هذا العلم من باب الصدفة وهو مسافر لمدينة العروض ( مكة) يطلب منها علما بعدما تفوق تلميذه عليه شهرة ( سيبويه) فوجد شيخا يلقن غلامه بموسيقى خاصة :
نعم لا- نعم لالا- نعم لا- نعم للا
نعم لا - نعم لالا- نعم لا- نعم لا لا
وسأله الخليل عن هذه فاجابه الشيخ انه يلقنه ويعلمه قول الشعر من خلال موسيقاه وكان المقصود كما مبين من الوزن البحر الطويل الذي عليه معلقة امريء القيس :
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل
بسقط اللوى بين الدخول فحومل
قصة طويلة يرددها التاريخ لنا في كل كتاب يتحدث عن ( تاريخ الادب العربي ) ولعل فيه تجاذب واختلاف فيما بين بعض القصص بين كتاب واخر نفحة يضيفها هذا المؤلف او ذاك؟
حتى ان طه حسين قد شكك في الشعر العربي كله وقال انه من صنع الخليل والرواة بعده كالاصمعي والمفضل الضبي وغيرهم ... وقد اتبع بعض النقاد طه حسين ، في التشكيك وقد استندوا الى رواية بعهد الخليفة العباسي المهدي الذي جمع الاصمعي والمفضل وتباريا بالحفظ على ان قول الاخير اكثر من ١٠٠٠ بيت يروي وعندما رويا قصيدة ظهرت ابيات لم يروها الاصمعي وبعد استحلاف الضبي اعترف باضافتها للقصيدة كي يسبق الاصمعي ...
في هذا التاريخ اجد ان شيء ما موجود من الانتحال لكن ليس هنا بل انني ابعد هذا عن الشعر العربي ، لكن ما اريد ان اقوله ان الخليل اهمل اوزانا كثيرة في الشعر العربي وان الاخفش لم يتدارك بل كان الخليل متقصد باهمال هذا البحر ؟ واعتقد ان اهماله للبحور والاوزان الاخرى تعود الى:-
١- ان الخليل لم يستسيغ بعض الاشعار في القبائل العربية وان الشعر حصر بما استساغت اذن الخليل
٢- ان الخليل حاول حصر الشعر بما تستسغيه قبيله قريش
٣- كانت هناك اغاني صيغت ضمن وقتها والاغنية كما هو معروف شعرا وربما عد هذه الاوزان ( الاغاني ) في حينها ليس بمستوى العلياء والرئاسة والاسلوب الذي يستخدمه العرب حينها كأكابر ، مثل ما يأتي اليوم - فرضا- فيدون العمودي والحر ويترك قصيدة النثر والشعبي
والحقيقة ان الشعر نتاج موسيقي لعصره ، حيث اتفق بعضهم انه جاء من حداء الابل ، واعتقد ان هذا الحداء لون ، فقد وجد في الادب الترقيص ، وهو ماتقوم الام من اشعار لوليدها، كما ان الموسيقى في ذلك الوقت كانت محددة بتلك السكنات والحركات وضمن الاوتار المحددة وقد فطن لها الدكتور محمد مندور وذكر في كتابه ( في الميزان الجديد) ان مقارنته بمعهد الموسيقى بالالات دقيقة جدا لم يلحظ اي تغير في زحاف القبض في
وليلٍ كموج البحر ارخى سدوله
علي بانواع الهموم ليبتلي
اذا من اصل البحر ، تلك الضرورات التي وضعها الخليل على انها تغيرات لازمة وغير لازمة ، ولربما ترك تغيرات وانغاما واشعارا كثيرة لم تستحسن من قبل اذنه ، هذا مادعى الشيخ جلال الحنفي في ١٩٧٠ سبعين باصدار كتابه ( العروض تهذيبه وتدوينه) مبتعدا عن كل المصطلحات من الزحافات والعلل ، ليعلن ان للبحر بدائل ويدخل الارقام بدل الشريحة والباء غير معجمة - ب ويقول ان البحر الطويل الاول
فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن
فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن
وان الثاني
فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن
فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن
وهكذا في التغيرات التي تطرأ على فعولن ( فعول) او مفاعيلن ( مفاعلن) ( مفاعيل) مبتعدا عن الرمزين //٥/٥ فعولن ب-- متخذا ٢٢١ ، وهذا في رأيه يبعد الطالب او الشاعر كاهل حفظ اسماء الزحافات والعلل مثل الخرم والصلم والتذيل والترفيل والخبن والطي ... الخ ويسهل من عملية حفظ البحور الذي اصبح البحر الطويل ١٦ بحرا وهذا ما سيرهق الطالب اكثر! بين هذه التجاذبات يبقى الشعر العربي بنظرة بعض الكتاب والنقاد منتحلا ، لانهم لم يقعوا على ان الشعر في العرب كان طربهم وحدوهم وغنائهم وترقيصهم وهم كتبوه على نغمات كانت تتستسيغ لهم وتطربهم ان كان حدوا للابل اوغناء للطرب او ترقيصا للاطفال ، لكن المتشددين لايروا الا الوزن ، الذي اصبح من يتقيد به لا يمكن ان يدعى شاعرا بل حتى الغرض اصبح مقيدا كالجاهلي بل الاسلوب من مطلع ومتن وغيره ، وقد بدأت الثورة في زمن العباسين حيث المولدين لكن من حيث البناء وليس الاوزان الا في نهاية زمن العباسين وتأثير بعضهم بالادب الاوربي الذي نفى بعض النقاد ان الادب تأثر بالاوزان وخاصة بالاسبوندي المقابلة للتفعيلة والمتكون منه البحر الاسكندري الذي يكون اكثر طولا من البحر الطويل ، وان القوما والزجل والدوبيت والكان ، تأثير عربي لتلقي خفة الموسيقى وتتطابق الموسيقى مع الشعر، واذا اخذنا هذا نجد اننا نعود الى الاصل ان الشعر يتبع تقاطيع الموسيقى ، في الحقيقة لا الموسيقى تتبع الشعر ، لذا نرى ان ثورة الشعر الحر حافظت على موسيقى الشعر من حيث الايقاع الوزن ، وانفلتت من القافية ، التي كذلك وضعت لها معايير خاصة ، هذا يعني انه لم يصيغ وزنا جديدا عند سماع السياب او نازك او البياتي موسيقى اوربية صاخبة كانت او هادئة اي لم يكن التغيير ناتج من الولادة الموسيقية مما جعل الشعر الحر ليس بالتغير الذي يشدو اليه الشعراء فذهبوا الى النثر وهكذا حتى ان العودة الى حضن الوزن والقافية تأتي بهم وتسترجع حتى شعراء الحر في الرثاء او الالم ، على الرغم من ان الحر يتسم بالشمول من حيث القصة التي يعجز عنها العمودي كما هي ابداعات السياب في ( المومس العمياء ) و( حفار القبور) و( الاسلحة والاطفال) وعلى حد الدكتور مدني صالح ( يمكن ان تكون مسرحية ) هذه الاشعار اتشخت بالقصة المؤلمة والمفردة التي تلامس احاسيس القاريء ، وقد حاول بعض شعراء العمودي ذلك قبلا وبعدا ، وخاصة في المسرح كما هو احمدشوقي ، الا ان القافية هي التي تعود في زمن الالم والرثاء والمواجع ، فيظهر عودة الشعراء الى ما يطربهم في الامهم وما يعبروا عن عشقهم ليعودوا الى حضن القصيدة القديمة متمسكين بوزنها واتباع تعليمات الخليل ومن بينهم للذكر لا للحصر فانهم كثر ، الشاعرة اللبنانية ناهدة الحلبي والسوري محمد سعيد العتيق والمصري الجبالي وفؤاد فوده وخلاف والاردني المعايطة والعراقي محمدحسين ال ياسين وكاظم الخطيب ، وغيرهم الا ان حتى في هذا نجد تغيرات كما فعل ابومهدي صالح الذي ادخل تغيرات في مواقع الزحاف كما في مستفعلن في البسيط جعلها مستفعل ، او ادماج الوافر مع الكامل ، ليقول ان الجمهور لا يهتم للخليل بل الشعراء من يهتموا للخليل ، وان بامكان الشعراء اتباع الموسيقى الحديثة ليخلقوا لنا وزنا جديدا، لكن يبقى للمحافظين رفضهم لهذه الفكرة ، في النهاية ان الشعر يتجدد مع الموسيقى ولا اراه يتجدد من الوزن السابق او يتحرر منه لان اصل الشعر جاء مع الموسيقى وانطلق منها ومتى تجددت الموسيقى سنجد شعرا ووزنا جديدا.
في النهاية ارى ان قضية الانتحال قضية غير واردة في الشعر العربي وان الهالة التي خلقها بعض الدارسين والشكوك هي غير صحيحة لان كما تبين ان الشعر يتطور عبر زمن ليس بقليل ولايمكن للمنتحل ان يصادق على هذا الزمن والكم كما ان الشعر نتج عن الموسيقى وقد ضاع منه اكثر من الذي وصل او حفظ او سجل وقد تكون ضاعت اوزان كثيرة ونحن ننتظر تغيرات في الشعر ليس من خلال تراثة بل من خلال تتبع موسيقى جديدة ولون جديد.
وقد يكون ما عد خطأً في الوزن في زمن الخليل او ما عده الخليل خطأ هو ليس خطأ او كسرا كما يعبر عنه بل وزنا لم تستسيغه اذن الخليل ، ويعتبر شعرا ضائعا وتراثا مندرساً...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق